للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعني: نمنع- أن الابتداء يوجب الرفع في الاسم المبتدأ، أي: لأن الابتداء أمر معنوي يضعف عن التأثير في أمر لفظي".

والثاني أي: وهو المنع للعلة في الفرع، كأن يقول البصري: الدليل على أن فعل الأمر مبني أن دراك ونزال ونحوهما من أسماء الأفعال مبنية؛ لقيامها مقامه، أي: مقام فعل الأمر في إفادة معناه، فعوملت في البناء معاملته، ولولا أنه مبني لَمَا بني ما قام مقامه، أي: الدليل على أن فعل الأمر مبني إجماعنا على أن ما كان على وزن فعال من أسماء الأفعال كنزال وتراك وحذار، مبني؛ لأنه ناب عن فعل الأمر، فنزال ناب عن انزل، وتراك ناب عن اترك، وحذار ناب عن احذر، وهكذا. فالأصل في بناء أسماء الأفعال هذه ونحوها قياسها على فعل الأمر، فبناؤها فرع عن بناء أفعال الأمر التي بمعناها.

فيقول له الكوفي: لا نسلم أن نحو: تراك ودراك إنما بني لقيامه مقام فعل الأمر، أي: فالمنع هنا لوجود العلة في الفرع، بل لتضمنه لام الأمر، بل إنما بني نزال ونحوه؛ لتضمنه معنى لام الأمر، أي: فأشبه الحرف في المعنى لتضمنه معناه، ألا ترى أن نزال اسم انزل وأصله لتنزل، فلما تضمن معنى اللام بني، كتضمن أين معنى حرف الاستفهام. وكما أن أين بنيت لتضمنها معنى حرف الاستفهام، فكذلك بنيت نزال لتضمنها معنى اللام. والجواب عن منع العلة: أن يدل -أي: من جهة المستدل- على وجودها في الأصل أو في الفرع بما يظهر به فساد المنع، أي: بدليل يظهر به للوجود فساد المنع، وأن المنع إنما هو ضرب من ضروب العناد والمكابرة، فلا عبرةَ به؛ لأن المكابرة كما يقولون: توجب قطعَ المناظرة.

<<  <   >  >>