في جمع مُقْتَو، اسم فاعل من القَتْو، وهو الخدمة، أصله مُقْتَوِو، قُلبت الواو الثانية ياءً؛ لتطرفها إثر كسرة، ثم أعل إعلال قاض، فقالوا في الجمع: مقاتوة. وقال عمرو بن كلثوم مخاطبًا عمروَ بنَ هند ملك الحيرة في الجاهلية:
بأي مشيئة عمرو بن هند ... تطيع بنا الوشاة وتزدرينا
بأي مشيئة عمرو بن هند ... نكون لقيلكم فيها قطينا
تهددنا وأوعِدنا رويدًا ... متى كنا لأهلك مقتوينا؟
تزدرينا أي: تحتقرنا، والقَيْل: الحاكم الذي وليتموه علينا، وقطينا أي: رعايا وخدمًا، والفعلان اللذان في أول البيت الثالث جاءا بصيغة الأمر: تَهَدَّدْنا وأوعدنا، للتهديد والسخرية، والشاهد في قوله:"متى كنا لأهلك مقتوينا" أي: متى كنا لأهلك خدمًا.
والنوع الثاني الذي حكم عليه الصرفيون بالشذوذ نوع أُعلت فيه الواو بقلبها ياء من غير أن تستوفي الشرط الثاني من شرطي هذا الإعلال، كالأمثلة التي أوردها ابن جني فيما تقدم، فقد أعلت الواو فيها بقلبها واوًا وهي وإن كانت الواو فيها متطرفة حقيقة أو حكمًا، ليست إثر كسرة، وقد ذكر ابن جني أن هذا المسموع عن العرب إنما خُولِف فيه القياس؛ استحسانًا لا عن استحكام علة، وفَصَّل القول في بيان ذلك فقال:"وذلك أنهم لم يعتدوا الساكن حائلًا بين الكسرة والواو لضعفه، وكله من الواو". يعني ابن جني أن العرب اعتبروا لام هذه الكلمات وهي الواو -كما سيبين لاحقًا- في حكم المتطرفة؛ لأنها وإن لم تكن طرفًا حقيقةً فهي طرف حُكمًا، إذ الحاجز بين الواو والكسرة حرف ساكن، والحرف الساكن حاجز غير حصين، فعدوه في حكم غير الموجود.
ونتابع تفصيل الأمر مع ابن جني، حيث يقول:"وذلك أن قِنْيَة من قَنَوْت، ولم يثبت أصحابنا قنيت"، يعني: أن لفظ قنية -بكسر فسكون- ومعناها: ما يتخذه