مع الياء- ففيه من النظر، أنه ضم الصاد بعد أن قلبت الواو ياء في لغة ما انكسر، فقال: صُبيان، فلما قلبت الواو ياء للكسرة وضمت الصاد بعد ذلك، أُقرت الياء بحالها التي هي عليها في لغة ما انكسر". انتهى.
فابن منظور في (لسان العرب) يرى أن قلبهم الواو ياء في صبية لإحدى عِلتين؛ إما مراعاة للكسرة قبلها والحاجز غير حصين، وإما إيثارًا للياء؛ طلبًا للخفة دون مراعاة لقرب الكسرة، وأن أقوى السببين الأول، لا طلب الخفة، وابن منظور مسبوق فيما ذكره من أن القلب لإحدى السببين بما قاله ابن جني، فقد أشار ابن جني في حديث مفصل إلى أن القلب هنا قد يكون لهذه العلة أو لتلك، وذكر العلتين اللتين أوردهما ابن منظور، المتوفى سنة إحدى عشرة وسبعمائة من الهجرة، أي: بعد وفاة ابن جني بأكثر من ثلاثة قرون، ولكن ابن جني ذكر أن القلب مع الكسرة لم يكن له قوة في القياس في حديث: قنية وصبيان وصبية في إقرار الياء بحالها مع زوال الكسرة في صُبيان وقُنية، وإنما كان مجنوحًا به إلى الاستخفاف، وذلك أن الكسرة لم تل الواو، ألا ترى أن بينهما حاجزًا وإن كان ساكنًا؟ فإن مثله في أكثر اللغة يحجز، وذلك نحو: جِرْو وعلو وصنو وقنو ومِجول ومِقول، وهذا كثير فاش، فلما أعلوا في صبية وبابه، عُلم أن أقوى سببي القلب إنما هو طلب الاستخفاف لا متابعة الكسر مضطرًّا إلى الإعلال.
وحديث ابن جني هنا كعادته في سائر أحاديثه، إنه حديث النقل والعقل معًا، فهو لم يكتفِ بإيراد النظائر الدالة على زوال أثر الكسرة مع الحاجز الساكن من واقع المسموع عن العرب، كجرو ونحوه، بل ذكر أن باب صبية وعِلية أقر حكمه مع زوال الكسرة عنه؛ اعتذارًا في ذلك بأن القلب فيه لم يكن عن وجوب فيزال عنه لزوال ما دعا إليه، وإنما كان استحسانًا، فليكن مع زوال الكسر أيضًا استحسانًا، أي: طلبًا للخفة.