للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولولا نقل حركة الواو إلى الساكن قبلها ما قُلبت ألفًا؛ حتى لا يلتقي ساكنان، وإنما كان لا بد لإحداث قلب هذه العين المحركة في الأصل ألفًا أن يفتح ما قبلها؛ حتى تكون الواو قد تحركت في الأصل وانفتح ما قبلها بعد نقل حركتها، وحينئذٍ تُقلب ألفًا؛ إجراءً للفعل المزيد مجرى فعله المجرد في الإعلال. وهكذا في بقية الأفعال التي على هذه الصفة من أفعال هذين البابين، فأطال أصله: أطول، واستعاذ أصله: استعوذ، واستزاد أصله: استزيد، وقد فُعل فيها ما فعل بأقام؛ حملًا للمزيد على مجرده في الإعلال. أما: استنوق واستتيس واستفيل ونحوها مع شذوذها وخروجها عن القياس، فأمر شذوذها أسهل، إذ لم يتقدمها فعل معتل؛ لأن الناقة والتيس والفيلَ أسماءُ ذوات، فكان خروجها إلى الصحة وعدم الإعلال أيسر من خروج استحوذ.

وذكر ابن جني أن مما ورد شاذًّا عن القياس ومطردًا في الاستعمال أيضًا قولهم: الحَوَكَة، في جمع الحائك الذي ينسج الثياب، والخونة؛ وذلك لأن الواو فيهما قد تحركت وانفتح ما قبلها، فكان مقتضى القياس قلبها ألفًا لا تصحيحها، ولكنهم صححوا العين فيها؛ تنبيهًا على الأصل، وقد قالوا على القياس: خانه، ومع شذوذ الحوكة والخونة، هما في الاستعمال غير متأبيين، فهما شائعان، ولكنهما لا يقاس عليهما، فلا يقال في جمع قائم: قومة، ولا في جمع صائم: صومة، ولو جمع ذلك على وزن فَعلة ما كان إلا معلًّا.

ومما ورد شائعًا في الاستعمال شاذًّا عن القياس قولهم: أقائم أخواك أم قاعدان؟ قال ابن جني: "ومن ذلك قول العرب: أقائم أخواك أم قاعدان؟ هذا كلامها، قال أبو عثمان: والقياس يوجب أن تقول: أقائم أخواك أم قاعد هما؟ إلا أن العرب لا تقوله إلا: قاعدان، فتصل الضميرَ، والقياسُ يوجب فصلَه؛ ليعادل

<<  <   >  >>