للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الألف، والألف تشبه الياءَ، والواو تشبههما في المد وهي أختهما، فلما اجتمعت حروف متشابهة حذفوا وهو أحسن وأكثرُ، وذلك قولك: عليه يا فتى، ولديه فلان، ورأيت أباه قبلُ، وهذا أبوه كما ترى. وأحسن القراءتين: {وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا} (الإسراء: ١٠٦) و {إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ} (الأعراف: ١٧٦) و {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ} (يوسف: ٢٠) و {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} (الحاقة: ٣٠) والإتمام عربي". انتهى ما قال سيبويه.

فَصِلة الضمير كانت محذوفة في الفعل "يرضاه" قبل الجزم، فلما جزم؛ لوقوعه في جواب الشرط وحذفت الألف للجزم، لم يُعتد بهذا الحذف، وبقيت الصلة؛ استصحابًا للأصل، وحمل عليه أمره نحو: اقتده وألقه ... إلى آخره. وليس كذلك ما ورد في الشعر شاهدًا على الضرورة المذكورة، إذ لم تُسبق فيه هاء الضمير بحرف علة ساكن، وعلى هذا يمكن القول: بأن حَذْف صلة ضمير الغائب إنما يكون ضرورة عند سيبويه ومَن تبعه إذا لم يكن ما قبل هاء الضمير حرفُ علةٍ ساكنًا في الأصل كالبيت المذكور.

ونعود إلى (الخصائص) لنقف على وجه ضَعْف بيت الشماخ السابق، فنجد ابن جني يقول: "ووجه ضعف قياسه أنه ليس على حد الوصل ولا على حد الوقف، وذلك أن الوصل يجب أن تتمكن فيه واوه كما تمكنت من قوله في أول البيت: له زجل، والوقف يجب أن تحذف الواو والضمة فيه جميعًا وتسكن الهاء، فيقال: كَأَنَّهْ فَضَمُّ الهاء بغير واو منزلةٌ بين منزلتي الوصل والوقف، وهذا موضع ضيق ومقام زَلْخ، لا يتقيك بإيناس ولا ترسو فيه قدمُ قياسٍ. وقال أبو إسحاق في نحو هذا: إنه أجرى الوصل مجرى الوقف، وليس الأمر كذلك؛ لما أريتُك من أنه لا على حد الوصل ولا على حد الوقف".

<<  <   >  >>