للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي المواضع التي نبَّه عليها النحاة قال: لا يجوز أن تقول: جاءني الغلام زيد؛ لأن الغلام معرف بالإضافة، وكذلك لا تقول: هذه الدار عبد الله ولا أخذت الثوب زيد.

وأما قولهم: الخمسة العشر فيستحيل من غير هذا الوجه، يريد لعلة أخرى، ويبين هذه العلة بقوله: لأن خمسة عشر بمنزلة حضرموت، وبعلبك، وقالقلا، وعيدسبا، وما أشبه ذلك من الاسمين اللذين يجعلان اسمًا واحدًا، فإذا كان شيء من ذلك، فإن تعريفه أن يجعل الألف واللام في أوله. وأما العشرون الدرهم فيستحيل من وجه ثالث ... " إلى آخره.

والمثال الثالث: في باب ما يُعرب من الأسماء وما يبنى يقول: "اعلم أن حق الأسماء أن تُعرب جُمع وتُصرف، فما امتنع منها من الصرف فلمضارعته الأفعال؛ لأن الصرف إنما هو تنوين، والأفعال لا تنوين فيها ولا خفض، فمن ثم لا يُخفض ما لا ينصرف إلا أن تضيفه أو تدخل عليه ألفًا ولامًا، فتذهب بذلك عنه شبه الأفعال، فترُدَّه إلى أصله؛ لأن الذي كان يوجب فيه ترك الصرف قد زال. وكل ما لا يُعرب من الأسماء فمضارع به الحروف، لأنه لا إعراب فيها" انتهى.

وكان المبرد صاحب شخصية علمية مستقلة، فرأيناه يبدي الرأي، ويصدر الحكم، ويثبت التعليل وإن خالف إمام النحاة سيبويه، ومن ذلك أن سيبويه ذكر في (الكتاب) أن الخليل رحمه الله قال: "اللهم نداء، والميم ها هنا بدل من يا، فهي ها هنا فيما زعم الخليل بمنزلة يا في أولها، إلا أن الميم ها هنا في الكلمة كما أن نون المسلمين في الكلمة بُنيت عليها، فالميم في هذا الاسم حرفان أولهما مجزوم أي: ساكن، والهاء مرتفعة؛ لأنه وقع عليها الإعراب، وإذا ألحقت الميم -يعني: بأن قلت: اللهم- لم تصف الاسم من قِبل أنه صار مع الميم عندهم بمنزلة

<<  <   >  >>