ومعنى ما ذكره سيبويه وتبعه فيه الرضي أن قلب الكاف شينًا لا يكون إلا في الوقف، وقد وردت الشواهد على إبدال الكاف شينًا في الوقف والوصل، فمن شواهد إبدال الكاف شينًا في الوقف ما ورد في (خزانة الأدب) من قولهم للمرأة: "جعل الله البركة في دارش"، ومن شواهد إبدال الكاف شينًا في الوصل قراءة من قرأ:"قد جعل ربش تحتش سريا" لقوله تعالى: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا}(مريم: ٢٤)، ومنه قول القائل:
فعيناش عيناها وجيدش جيدها ... ولكن عظم الساق منش دقيق
يريد عيناك وجيدك، ومنك، فأبدل الكاف شينًا في الوصل، والبيت للمجنون يُخاطب ظبية أعطى صائدها شاة، ثم حلها من الشرك بعد أن تأمل في محاسنها. ومع ورود الشواهد الدالة على إبدال الكاف شينًا في الوصل والوقف، فإن الأصل هو إبدالها في الوقف كما قال سيبويه، وتبعه الرضي، وإنما أبدلت في الوصل إجراء للوصل مجرى الوقف.
ثانيًا: الكَسْكَسة بالسين المهملة، وهي إلحاق السين بالكاف، وسُميت هذه اللغة بالكسكسة؛ لاجتماع السين والكاف فيها، وقد نسبت هذه اللهجة إلى بكر وهوازن، ونسبها السيوطي إلى ربيعة ومضر، والمراد بها إلحاق كاف الخطاب بالمؤنث سينًا فيقال: أعطيتكس وعليكس، والمراد أعطيتك وعليك. ونلحظ في هذين المثالين أن السين تلحق الكاف؛ سواء أكانت في موضع نصب كما في المثال الأول، أم في موضع جر كما في المثال الثاني. وقد ذكر سيبويه أن إبدال الكاف سينًا يكون في الوقف دون الوصل فقال في (الكتاب): "واعلم أن ناسًا من العرب يلحقون الكاف السين ليبينوا كسرة التأنيث، وإنما ألحقوا السين لأنها قد تكون من حروف الزيادة في استفعل، وذلك أعطيتكس وأكرمكس، فإذا وصلوا لم يجيئوا بها؛ لأن الكسرة تَبِين" انتهى.