تُزاد في غير هذه المواضع، وأنها تنصب المضارع وهي زائدة، كما تجر مِن والباء الزائدتان لاسم يعني: فلا منافاة بين الزيادة والعمل، وأن من ذلك قوله تعالى:{وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ}(إبراهيم: ١٢)، وقوله سبحانه:{وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}(البقرة: ٢٤٦)، وذكر ابن هشام أن غير الأخفش قال في الآيتين الكريمتين ونحوهما: إن أن في ذلك مصدرية لا زائدة، كما ذكر أن من القائلين بالمصدرية مَن ضَمن في الآيتين {مَا لَنَا} معنى ما منعنا أي: أن المصدر المؤول في كلتيهما منصوب على أنه مفعول ثانٍ على تضمين الجار والمجرور معنى منع الناصب لمفعولين، كما تقول: منعت زيدًا إساءته.
ولم يرتضِ ابن هشام هذا التضمين، كما لم يرتضِ قياس الأخفش عمل أن الزائدة على عمل حرف الجر الزائد فقال: "وفيه نظر، وواصل معللًا النظر فقال رادًّا التضمين: لأنه لم يثبت إعمال الجار والمجرور في المفعول به، ولأن أصل ألا تكون لا زائدة يعني: هذا التخريج على تضمين الجار والمجرور معنى فعل ناصب لمفعولين، لا يصح لأمرين؛ أحدهما: عدم ثبوت إعمال الجار والمجرور في المفعول به، والآخر أنه يترتب عليه زيادة لا، وإذا قيل: إن {مَا لَنَا} ضُمن معنى ما منعنا؛ لزم زيادة لا، والمعنى: أي شيء منعنا التوكل، ومنعنا القتال، والأصل عدم زيادتها، كما علل لبطلان القياس الأخفش بأنه إنما لم يجز لأنِ الزائدة أن تعمل لعدم اختصاصها بالأفعال، بدليل دخولها على الحرف لو في قول الشاعر:
فأقسم أنْ لو التقينا وأنتم ... لكان لكم يوم من الشر مظلم
وعلى الحرف كأنّ في قول الشاعر:
فأمهله حتى إذا أنْ كأنه ... معاطي يدٍ في لجة الماء غامر