للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأخرى: كعلة طي ولي مصدري طويت ولويت، وأصل المصدرين طوي ولوي، وكل من هاتين العلتين مؤثرة على حدة في القلب.

فهذا ونحوه أحد ضربي الحكم المعلول بعلتين، والضرب الآخر منهما ما فيه النظر، وهو باب ما لا ينصرف، وذلك أن علة امتناعه من الصرف إنما هي لاجتماع شبهين فيه من أشباه الفعل، أو لوجود شبه واحد يقوم مقام الشبهين كما مضى تفصيله في بابه من النحو، كما أورد ابن جني في (الخصائص) في باب عنوانه: باب في تقاود السماع، وتقارع الانتزاع أنه قد يكثر الشيء، فيُسأل عن علته كرفع الفاعل ونصب المفعول، فيذهب قوم إلى شيء وآخرون إلى غيره، فيجب إذن تأمل القولين واعتماد أقواهما أي: أن يعتمد المتأمل ما يراه قويًّا من ذلك؛ لقوة مدركه، أو لموافقته المنقول، ويرفض الآخر، ولا يعتد به، فإن تساويا في القوة أي: في قوة المدرك وموافقة المنقول؛ لم ينكر اعتقادهما جميعًا، فقد يكون الحكم الواحد معلولًا بعلتين.

أما أبو البركات الأنباري، فذكر في الفصل التاسع عشر من (لمع الأدلة) أن العلماء اختلفوا في تعليل الحكم بعلتين فصاعدًا، فذهب قوم إلى أنه لا يجوز؛ لأن هذه العلة أي: النحوية مشبهة بالعلة العقلية، والعلة العقلية لا يثبت الحكم معها إلا بعلة واحدة أي: لأنها مؤثرة، ولا يوجد أثر واحد لمؤثرين، فكذلك ما كان مشبهًا بها. وذهب قوم إلى أنه يجوز أن يعلل الحكم بعلتين فصاعدًا، وذلك مثل أن يدل على كون الفاعل ينزل منزلة الجزء من الفعل بعلل متعددة:

الأولى: أنه تسكن له لام الفعل إذا اتصل به ضمير رفع متحرك نحو: أنا فهمت، ونحن فهمنا، وهن فهمن.

<<  <   >  >>