للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعض العرب يجعل ليتما ناصبة للاسم رافعة للخبر، من غير أن تكفها ما الزائدة عن العمل؛ إلحاقًا لها بحروف الجر التي تدخل عليها ما الزائدة، فلا تكفها عن العمل مثل: الباء كقوله عز وجل: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} (النساء: ١٥٥)، وعن كقوله تعالى: {عَمَّا قَلِيلٍ} (المؤمنون: ٤٠)، ومِن كقوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ} (نوح: ٢٥) في قراءة غير أبي عمرو من السبعة، واللام كقول الأعشى:

إلى ملك خير أربابه ... فإن لما كل شيء قرارًا

أي: فإن لكل شيء قرارًا، وذكر ابن جني أن الفرق بين ليت وبين كأن ولعل أنها أشبه بالفعل، منهما وقال: "ألا تراها مفردة وهما مركبتان؛ لأن الكاف زائدة واللام زائدة" انتهى. وقال السيوطي: "وفرق بينها أي: بين ليت، وبين أخواتها بأنها أشبه بالفعل في الإفراد، وعدد الحروف" انتهى. قال ابن الطيب في (الفيض): "فإن ليت بوزن ليس بخلاف أخواتها" انتهى. وابن جني إنما ذكر في (الخصائص) الفرق بينها وبين كأن ولعل كما أوضحنا، والذي يطمئن إليه الضمير العلمي في هذه المسألة في ضوء ما ورد في (الكتاب) لشيخ النحاة سيبويه وغيره ممن تناولها بالبحث والدراسة: أن ليتما يجوز كفها عن العمل بـ: ما المتصلة بها، وهذا الإلغاء حسن، ويجوز إعمالها واعتبار ما زائدة غير كافة يعني: وهذا الإعمال أحسن. وقد قال ابن يعيش في (شرح المفصل): "ومن ذلك ليتما الإلغاء فيها حسن، والإعمال أحسن؛ لقوة شبهها بالفعل، وعدم تغاير معناها" انتهى.

وعكس ذلك الحكم ابن الحاجب في كافيته، وسار شارحه الرضي على مذهبه، فقال ابن الحاجب فيها: "وتلحقها ما فتلغى على الأفصح"، وقال الرضي في (الشرح): "إذا دخلت ما على ليت جاز أن تعمل وأن تلغى، وروي قوله:

قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلى حمامتنا ونصفه فقد

<<  <   >  >>