للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحق ودعاء الخير والفضيلة والضمير الحي، فهي قد قبلت عذاب الدنيا ورضيت به في سبيل عقيدتها لتلقى ربها يوم القيامة طاهرة من رجس الشرك والمعاصي ظاهرة فوق المشركين.

فتعرضت هذه الجماعة المؤمنة إلى أقسى أنواع التعذيب، إذ هو امتحان بالغ القساوة والشدة، فإنه لا أقسى ولا أشد من العذاب بالنار، إذ لا يعذب بها إلا الخلاق العليم من جحده وكفر به، وهو - وحده لا غير - ولي النعم، ومنزل النقم، له السلطة الكاملة على عباده كلهم، وإذا عصاه بعض عباده وكفر به عاقبهم بما يشاء لأن الخلق كلهم خلقه، فهو مولاهم ومالكهم، يتصرف فيهم بما تتطلبه حكمته، ويقتضيه تدميره وسلطانه، وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يعذب - أو لا يحرق - بالنار إلا رب النار) أو كما قال، وكان في تلك الجماعة المؤمنة الموحدة أم مع طفلها الرضيع، وراهب - عابك - يعلم الناس الدين والتوحيد وطاعة الله، ورجال آخرون تمكنت عقيدة التوحيد من قلوبهم، فصعب عليهم تركها والتخلي عنها، أو انتزاعها منهم، فرضوا بالموت تحريقا بالنار في سبيلها، وكان فيهم غلام، يا له من غلام أراده الملك أن يكون ساحر القصر الملكي، غير أنه ترك ما انتدبه الملك إليه وأعرض عنه وتردد على مقر الراهب وتعلم منه الدين، فكان - الغلام - بما أخذه عن الراهب داعية إلى الله وإلى توحيده، فنفعه الله بعلمه، فنفعه في نفسه وبث به

<<  <   >  >>