وكان في لسانه عجمة شديدة، وهي ناتجة عن تربيته وطول إقامته في أرض الروم، لأنهم أخذوه من وسط قومه وهو طفل صغير كما مر ذكره آنفا، وروى زيد ابن أسلم - الذي كان ملازما لعمر - عن أبيه قال: خرجت مع عمر حتى دخل على صهيب حائطا له بالعالية، فلما رآه صهيب قال: يا ناس يا ناس، فقال عمر ما له - لا أبا له - يدعو بالناس، فقلت له: إنما يدعو غلاما له اسمه ((يحنس)) وإنما قال ذلك لعقدة في لسانه، فقال له عمر: ما فيك شيء أعيبه يا صهيب إلا ثلاث خصال لولاهن ما قدمت عليك أحدا: أراك تنتسب عربيا ولسانك أعجمي، وتكتنى بأبي يحيى اسم نبي وليس لك ولد، وتبذر مالك، فقال له صهيب: أما تبذير مالي فما أنفقه إلا في حقه، وأما اكتنائي بأبي يحيى فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني بأبي يحيى، فلن أتركها، وأما انتمائي للعرب ولساني أعجمي فإن الروم سبتني صغيرا فأخذت لسانهم، وأنا رجل من النمر بن قاسط من الموصل ولو انفلقت عن روثة - بعرة - لانتسبت إليها.
وكان من حب عمر لصهيب رضي الله عنها، أن عمر كان حسن الظن في صهيب، وظهر هذا معه في عدة مناسبات، منها أنه حين طعن رضي الله عنه أوصى أن يصلي عليه إذا مات صهيب، كما أوصى أن يصلي بجماعة المسلمين ثلاثا حي يتفق أهل الشورى على من سيخلف.