الله عليه وسلم ما أملك دينارا ولا درهما، وإن في ناحية بيتي في تابوتي لأربعين ألف واف، ولقد خشيت أن تكون قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا.
فكلمة ((خباب)) هذه تشبه كلمة ((عمر بن الخطاب)) رضي الله عنهما، تلك الكلمة الوعظية التي قالها حين بسطت الدنيا أجنحتها على المسلمين، فكثر عليهم المال حتى فاض، بعد أن كانوا فقراء لا يجدون قوتا ولا كساء ولا مسكنا في أيامهم الخالية، قبل الإسلام، وقبل كثرة الفتوحات، ولا عجب في خوفهما هذا فكلاهما شرب من معين النبوة الصافي من الأكدار، وارتوى من نبع القرآن العذب المروي لا يحتاج الشارب منه إلى سواه وكلاهما يشير إلى آية سورة الأحقاف وهي قوله تعالى:((ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون)) الآية ٢٠ من سورة الأحقاف، هكذا فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم التلذذ بمتاع الحياة الدنيا، فهم يخشون شديد الخشية أن تكون هذه الملذات التي أصابوها في حياتهم الدنيا، بعد الفقر والفاقة، من أطعمة وألبسة، ومساكن وقصور، أن تكون هي حظهم من النعيم قدم لهم واستوفوه في حياتهم الدنيا، إذ قد أطلقوا لأنفسهم وشهواتهم العنان في التمتع بها وبجميع أصنافها وأنواعها بلا حدود يقفون عندها، لذا فهم يخشون أن لا يكون لهم نصيب في متاع