قال سلمان فأخذتها فوزنت لهم منها - والذي نفس سلمان بيده - أربعين أوقية، فأوفيتهم حقهم منها.
وبهذا التعاون الإسلامي تم عتق رقبة سلمان الفارسي، وخرج للدنيا حرا طليقا حرا مثل عباد الله الأحرار، وكما رأينا، فقد شارك في تحرير سلمان ثلة من الصحابة بالتعاون، وأمامهم إمامهم الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم، فقد بذل لسلمان ما أعانه على الوفاء بما التزم به لمالكه اليهودي، أعانه بعرق جبينه الشريف، حيث كان يغرس له بيده الطاهرة كل (ودية جبارة) فصلحت كلها، ولم تيبس منها واحدة هكذا كان ويكون التعاون بين المسلمين، لا فرق بينهم في المعاملة الحسنة، كلهم يتعاونون على فعل الخير وليس هناك مثال - وكم له من أمثال - أدل على هذا التعاون من مشاركة خير الخلق أجمعين في عمل شاق فيه تحرير رقبة ((عبد)) من فارس، ذلك أن الإسلام يعتبر المسلمين كلهم إخوة، بلا فرق في العرق والجنس، ليت المسلمين رجعوا إلى تشريع شريعتهم وألغوا ما استوردوه من فضلة قوانين وضعية وضعها الكفرة بالله، زرعت بينهم الحسد عن التعاون والبغضاء والأنانية وحب الذات، وهذه كلها أمراض تصيب المجتمع فتعوقه وتقتل فيه روح التعاون، ليتهم يفعلون هذا فيسعدوا وينفعوا بحياتهم هذه، فقد كفاهم ما هم فيه من التفرق والتدابر والتناحر والتخاذل الشنيع وهذه الأمراض الاجتماعية نتيجة لتلك الأمراض،