ولكنهم ابتعدوا - كثيرا - عما هم طالبون به، والله الموفق للخير والهداية، فعتق سلمان بهذا التعاون وخرج من الرق حرا يتمتع بحياته، كما يتمتع بها الأحرار، يعبد ربه كما يشاء ويريد، ويتبع رسول الله كما يحب أن يتبعه من غير أن يمنعه مانع، ويزوره كما يشاء بلا خوف ولا اختفاء عن أعين الرقباء، هذه هي الحرية التي دعا إليها الإسلام، وطبقها في أيام حكم القرآن، لا حرية الكفر والفجور والفسوق والعصيان والإلحاد، التي يتبجح ويفتخر بها بعض الحكام الذين ابتليت بهم الشعوب الإسلامية، فقد قهروا المسلمين بظلمهم وطغيانهم باسم الحرية، وفتحوا الباب على مصراعيه لمن لا دين له ولا ذمة يرعى حقوقها، فعاثوا في الأرض فسادا، وزرعوا في شعوبهم بذور الشرور والتفرقة والبغضاء بين أبناء الوطن الواحد، ومنعوا حرية الرأي والقول والتعبير، فلا يسمح لأحد أن يتكلم أو يكتب أو ينشر على الناس إلا ما وافق أغراضهم وأهواءهم وما فيه مصالحهم الخاصة بهم ولو كان في ذلك هلاك الوطن والأمة معا، في حين تركوا الملحدين وذوي الأخلاق السيئة يقولون ما يريدون أن يقولوه، وينشرون على الناس ما ظهر لهم أن ينشروه، والويل لمن كتب في الإسلام، أو تعرض لفضائله وأحكامه، هذا ما رأيناه منتشرا في غالب الأوطان الإسلامية، بالقول وبالفعل، وهذه إحدى النكبات التي أصابت الشعوب الإسلامية بعد تحررها من الاستعمار الكافر بفضل الإسلام