الرسول الجديد الذي ظهر فيهم، ذلك حيث سأل هرقل كبير قريش أبا سفيان بن حرب عن أتباع محمد صلى الله عليه وسلم ليدرك من خلال هذا حقيقة هذا الرسول وهل هو صادق في دعواه أو هو كاذب، فأجابه أبو سفيان - وهو يدس في جوابه انتقاصا - في زعمه - في حق الرسول صلى الله عليه وسلم - فقال هرقل لأبي سفيان: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعناؤهم؟ فقال بل ضعفاؤهم، ففهم هرقل الحقيقة من جوابه فقال لأبي سفيان: هم أتباع الرسل، فظهرت الحقيقة من فيه من غير أن يشعر، ذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان غالب من اتبعه في أول بعثته من ضعفاء الناس من الرجال والنساء والعبيد والإماء والفقراء، ولم يتبعه من الأشراف إلا القليل، مثل أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين، فهذه حقيقة تاريخية قديمة بقدم الزمان والرسالات، لا تتغير، وهذا مبني على أن ذوي العقائد الصحيحة المبنية على الإيمان الصحيح تلفيهم لا يترفعون عن الحق حيث يعرفون أنه حق، ويذعنون إليه بدون مكابرة ولا عناد، لأن نفوسهم مستعدة إلى تصديقه واتباعه والعمل به، وبما جاء به والانقياد إلى ما يأمرهم به، وبهم انتصر الحق على الباطل في كل زمان ومكان، ويصعب عليهم التحول عما آمنوا به، وما سبق من مواقف ضعفاء الصحابة شاهد على هذا، فهم بالرغم من العذاب الشديد والأهوال المضنية ومحاولات كفار قريش لهم على تركهم عقيدتهم ودينهم،