إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون (٥٢) قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين (٥٣) قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين (٥٤) قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين (٥٥) قال بل ربكم رب السموات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين (٥٦)) سورة الأنبياء.
فكان إبراهيم قوى الحجة - كما رأينا - وما سنرى مع أبيه وقومه ومع ملكهم أيضا، فأرانا القرآن كيف كانت حجته مع الملك حين حاجه بالدليل والإقناع لا بالقوة والظلم، كما فعل معه الملك، لما عجز عن الحجة، إذ أبهته إبراهيم وأعجزه عن الجواب العقلي المقنع، حين دعاه إليه ليريه قوته وجبروته وظلمه، فقال له من هذا الإله الذي تدعو الناس إليه وإلى عبادته؟ وهل تعرف ربا وإلها غيري هو أولى بالعبادة والطاعة والخضوع مني؟ فأجابه إبراهيم عليه السلام، بأن الإله الحق والمعبود بالصدق هو الله الواحد الأحد الذي لا إله للخلق غيره، ولا معبود سواه، هذا هو جواب إبراهيم عليه السلام وهو جواب المؤمن الموحد، فهو غير خائف منه، لأنه مخلوق مثله، فادعاؤه الألوهية زور وبهتان فبين له عجزه وكذبه فيما ادعاه، نتأمل هذا في قوله عز وجل ((ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي