الذي غلبهم بقوة الحجة، التي يقبلها العقل ويرضاها حكما في النزاع فأجمعوا أمرهم على إحراقه بالنار والتخلص من دعوته التي أفسدت عليهم شركهم وأبطلت عليهم باطلهم غير أن الله الذي خلق إبراهيم عليه السلام وهداه إلى الحق وطريق الرشاد في صغره وأرسله رسولا في كبره إلى عباده ليطهر قلوبهم من عقيدة الشرك والخرافات والبغي - كان في عونه على تبليغ دعوته ونصره على خصومه المشركين بمن فيهم ملكهم وغيره فأحبط مسعاهم وأفسد عملهم وأضل كيدهم فباؤوا بالخيبة والخسران ونجا رسوله وخليله إبراهيم عليه السلام وخلد قصته في القرآن فبقيت تتلى على مدى الأزمان لتكون موعظة وعبرة للمغرورين أمثالهم ذلك كما قال تعالى في الآية السابقة الذكر من عزم القوم وملكهم على إحراقه بالنار للتخلص منه ومن دعوته كي يصفو لهم الميدان ويبقى لهم وحده حتى يعلو باطلهم على حق الله ودعوة رسوله كما تقدم في تصوير القرآن لحالهم في قول الله عز وجل، جل شأنه وعظم سلطانه وغلبت قدرته كل مخلوق (قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين).
هكذا يلجأ الظالمون - دوما - إلى القوة والقهر وإخماد شعلة الحق وإطفاء نور الله لينصروا باطلهم على حق الله في زعمهم ولكن محال ما حاولوه فقد رد الله كيدهم إلى نحورهم وأفسد تدبيرهم حين أججوا له نارا عظيمة، جمعوا لها حطبا جزلا، وأكثروا