وتسربت إلى دماغه وبقيت فيه مدة من الزمن يتألم منها شديد الألم، ودام بقاؤها فيه حينا من الزمن الله أعلم به، وبعض المفسرين يقدرها بأربعين سنة، الله وحده أعلم بها، كل هذا زيادة له في العذاب وحرمته - بطنينها - نعمة التمتع بالحياة، وكان يحب من يضربه على رأسه لتسكن هي وليذوق هو شيئا من الراحة بسكونها وهذا أعز الناس عنده، وبقي على هذا الحال حتى هلك ومات.
هذه نهاية الجبابرة الطغاة في كل زمان ومكان تختم حياتهم بأسوإ حالات الموت ليكونوا عبرة وموعظة للغافلين عن قدرة الواحد القهار، فإنهم كانوا إذا أحسوا شيء من القدرة والقوة بتسلطهم على الضعفاء من خلق الله وخضع لهم هؤلاء الضعفاء غرتهم أنفسهم الدنيئة فظلموا عباد الله ونسوا الخالق العليم القوي، وظنوا أنهم بمنجاة من قبضته، حتى تحين ساعتهم التي قدرها لهم ((إن الله يمهل ولا يهمل)) فإذا جاءت ساعتهم لا ينفعهم جند ولا حصون ولا قوة مهما عظمت، ولا أحذق وأمهر أطباء العالم أجمع، ولو أحضروا معهم أحدث الأجهزة الطبية وأصناف الأدوية، فلا يرد ذلك ما قدره الله، قال الله تعالى ((إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون)) من الآية ٤ من سورة نوح عليه السلام، وقال ((فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون)) هكذا قال الله الخالق الرزاق الواحد القهار في القرآن