كانت عناية الله برسوله وبدينه بالغة في تلك الحشرة الصغيرة فقد سلطها الله على صحيفة التحالف تلك، تلك الحشرة هي الأرضة - العثة - التي تتلف الورق والملابس فتجعلها غير صالحة للاستعمال فقد لحست كل ما كان مكتوبا فيها وأكلت ما في تلك الصحيفة من كلمات العهد والميثاق وما إلى ذلك ولم تترك سالما إلا الكلمات التي فيها ذكر الله، مثل باسمك اللهم الخ، وذكر ابن كثير في السيرة أن الوحي نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بهذا، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا لعمه أبى طالب، فقال أبو طالب لا والثواقب ما كذبني ابن أخى، ولما استوثق عمه من هذا خرج إلى قريش وطلب منهم الإتيان بالصحيفة وقراءتها أمام الناس، فإذا وجد فيها ما اتفق عليه قريش وحلفاؤهم صحيحا سلم لهم ابن أخيه ليقتلوه ففرحت قريش بهذا وظنوه انتصارا لهم ولآلهتهم ونتيجة من نتائج الحصار، وأنهم سيقتلون رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما جاؤوا بالصحيفة وجدوها خالية من كل ما قالوه واتفقوا عليه، ولم يجدوا فيها إلا بعض كلمات أسماء الجلالة التي كانت كتبت في الصحيفة وهنا دهشوا وخابت مساعيهم، وذهب عنهم فرحهم وبطلت أعمالهم ومكائدهم، حين ذهب ما في الصحيفة من العهود والمواثيق التي تعاهدوا عليها، فبطل التزام من التزم وعهد من تعهد، وكان البعض ممن حضروا التعهد بما في الصحيفة قد أعجبهم هذا المحو