للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن رُوي عنه صيامُه من الصَّحابةِ عمرُ، وعلي، وعبدُ الرحمن بن عوف، وأبو موسى، وقيسُ بن سَعْدٍ، وابنُ عباس وغيرُهم. ويدُلُّ على بقاءِ استحبابِه قولُ ابن عباس (١) رضي الله عنهما: "لم أرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ يومًا (٢) يتحرَّى فَضْلَه. على الأيام إلا يومَ عاشوراءَ وشهرَ رمضانَ". وابنُ عباس إنما صحِبَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بآخرة، وإنما عَقَلَ منه - صلى الله عليه وسلم - ما كان من آخر أمرِه.

وفي صحيح مسلم (٣)، عن أبي قَتَادَة: أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صيام عاشوراء، فقال: "أحتسِبُ على اللهِ أن يُكفِّر السنةَ التي قبلَه". وإنَّما سألَه عن التَّطوُّعِ بصيامِه، فإنه سأله أيضًا عن صيام يوم عَرَفَةَ، وصيام الدَّهرِ، وصيامِ يومٍ وفطرِ يومٍ، وصيامِ يومٍ وفطر يومين. فعُلمَ أنَّه إنَّما سأله عن صَيام التطوُّعِ.

وخرَّج الإمامُ أحمد، والنسائي (٤) من حديث حَفْصَةَ بنتِ عُمَرَ أمِّ المؤمنين رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يدَعُ صيامَ يوم عاشوراء والعشرِ، وثلاثةِ أيَّامٍ من كل شَهْرٍ. وخرَّجُه أبو داود (٥) إلَّا أن عنده: "عن بعضِ أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، غير مُسَمَّاةٍ.

الحالة الرابعة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عَزَمَ في آخِرِ عُمره على إلا يَصُومَه مفردًا، بل يَضُمُّ إليه يومًا آخرَ مخالفَةً لأهل الكتابِ في صيامِه. ففي صحيح مسلم (٦)، عن ابن


(١) رواه مسلم رقم (١١٣٢) في الصيام، باب صوم يوم عاشوراء، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وسئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: ما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام يومًا، يطلب فضله على الأيام، إلا هذا اليوم؛ ولا شهرًا إلا هذا الشهر؛ يعني رمضان.
(٢) في آ: "يصوم صومًا".
(٣) أخرجه مسلم رقم (١١٦٢) في الصيام، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس. ورواه الترمذي رقم (٧٥٢) في الصوم، باب ما جاء في الحث على صوم يوم عاشوراء، وإسناده حسن.
(٤) مسند الإمام أحمد ٦/ ٢٨٧، والنسائي ٤/ ٢٢٠، وفي سنده أبو إسحاق الأشجعي الكوفي، وهو مجهول. ولفظه عند النسائي: "أربع لم يكن يدعهن النبي - صلى الله عليه وسلم -: صيام عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، وركعتين قبل الغداة".
(٥) رواه أبو داود رقم (٢٤٣٧) في الصوم، باب في صوم العشر، حدث به هُنَيْدة بن خالد، عن امرأته، عن بعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -.
واختلف على هنيدة بن خالد في إسناده، فروي عنه كما ذكره أبو داود. وروي عنه عن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -. وروى عنه عن أمه عن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - مختصرًا. (قاله المنذري).
(٦) مسلم (١١٣٤) (١٣٣) في الصيام، باب أي يوم يصام في عاشوراء. وأبو داود رقم (٢٤٤٥) في الصوم، باب ما روي أن عاشوراء اليوم التاسع.

<<  <   >  >>