للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمَّا تخصيصُ الشؤم بزمانٍ دونَ زمانٍ، كشهرِ صفَرَ أو غيره، فغيرُ صحيحٍ، وإنَّما الزَّمانُ كلُّه خلقُ (١) الله تعالى، وفيه تقعُ أفعالُ بني آدمَ. فكلُّ زمانٍ شَغَلَه المؤمنُ بطاعةِ اللهِ، فهو زمان مبارَك عليه، وكُلُّ زمانٍ شَغَلَه العبدُ بمعصيةِ اللهِ تعالى فهو مشؤومٌ عليه. فالشؤمُ في الحقيقة هو مَعْصِيةُ اللهِ تعالى، كما قال ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: إنْ كان الشؤم في شيءٍ ففيما بين اللّحيين (٢)، يعني اللسان. وقال: ما من شيء أحوجُ إلى طول سجنٍ من لسانٍ.

وقال عَدِيُّ (٣) بن حاتم: أيمنُ أمرٍ (٤) وأشأمُهُ بينَ لحييهِ، يَعني لسانَه. وفي سنن أبي داود عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "حُسْنُ الملكَةِ نَمَاءٌ، وسُوءُ الملَكَةِ شؤمٌ، والبِرُّ زِيادةٌ في العمرِ، والصدقة تمنَعُ (٥) ميتة السوء" (٦). فجَعَلَ سُوءَ الملَكَةِ شؤمًا.

وفي حديثٍ آخَرَ: "لا يدخُلُ الجنَّةَ سَيّئُ الملكَةِ (٧) "وهو مَن يُسيءُ إلى مماليكه ويظلِمهُم.

وفي الحديث: "إنَّ الصَّدَقَة تدفَعُ مِيتةَ السُّوءِ" (٨).

ويروى من حديث عليٍّ مرفوعًا: "باكِرُوا بالصَّدَقةِ فإنَّ البَلاءَ لا يتخطَّاها".


(١) في ب: "خَلْقٌ لله تعالى".
(٢) اللحيان: حائطا الفم، وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان من داخل الفم من كل ذي لَحْي. (اللسان: لحي).
(٣) عدي بن حاتم بن عبد الله الطاثي، أبو طريف، أمير، صحابي شهير، من الأجواد العقلاء، كان رئيس طيئ في الجاهلية والإسلام. حضر فتوح العراق وحروب عليّ. وهو ابن حاتم الطائي الذي يضرب بجوده المثل. مات عدي بالكوفة سنة ٦٨ هـ.
(٤) في ش: "أيمن أمري"، وفي ع: "أيمن امرءٍ"، وفي ط: "أيمن أمر بي".
(٥) في ب: "تدفع".
(٦) سنن أبي داود رقم (٥١٦٢) و (٥١٦٣) في الأدب، باب في حق المملوك، ورواه أيضًا أحمد في "المسند" ٣/ ٥٠٢ وإسناده ضعيف، وله شاهد من حديث جابر عند ابن عساكر في التاريخ، نقل المناوي تحسينه عن العامري. واللفظ لأحمد، وليس في السنن "والبر زيادة في العمر، والصدقة تمنع ميتة السوء". وفي النهاية ٤/ ٣٥٨: "يقال: فلان حَسَنُ الملكةِ، إذا كان حَسَنَ الصَّنيع إلى مماليكه".
(٧) أخرجه الترمذي رقم (١٩٤٧) في البر والصلة، باب ما جاء في الإحسان إلى الخدم، وفي سنده فرقد بن يعقوب السبخي، وهو لين الحديث؛ قال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد تكلم أيوب السختياني وغير واحد في فرقد السبخي من قبل حفظه. وأخرجه أيضًا ابن ماجه رقم (٣٦٩١) في الأدب، باب الإحسان إلى المماليك.
(٨) أخرجه الترمذي رقم (٦٦٤) في الزكاة، باب ما جاء في فضل الصدقة، عن أنس رضي الله عنه، وإسناده ضعيف. ونصه: "إنَّ الصَّدقة تُطفِئُ غضب الرَّبِّ، وتدفع ميتة السوء".

<<  <   >  >>