للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شيءٍ ففي ثلاثةٍ"، فذكَرَ هذه الثلاثة (١). وقال: هذه الرواية أشبه بأصُولِ الشرعِ؛ كذا قاله ابن عبد البر، ولكن إسناد هذه الرواية لا يُقاوِمُ ذلك الإسنادَ.

والتحقيقُ أنْ يقالَ في إثباتِ الشؤم في هذه الثلاثِ، ما ذكرناه في النهي عن إيرادِ المريض على الصحيح، والفرارِ منَ المجذومِ، ومن أرضِ الطاعونِ؛ إنَّ هذه الثلاثَ أسبابٌ يقدِّر اللهُ تعالى بها الشؤمَ واليُمْنَ ويَقْرِنُه بها، ولهذا يشرع لمن استفادَ زوجةً، أو أمَةً، أو دابَّةً أنْ يسألَ الله تعالى مِن خيرها وخيرِ ما جُبِلتْ عليه، ويستعيذَ بهِ من شرِّها وشرِّ ما جُبِلَتْ عليه، كما في حديث عمرو بن شُعَيب، عن أبيه، عن جدِّه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي خرَّجه أبو داود (٢) وغيرُه.

وكذا ينبغي لمن سكن دارًا أن يفعل (٣) ذلك. وقد أمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا سكنوا دارًا فقلَّ عددُهُم، وقل مالهم أن يتركوها ذَميمةً (٤).

فترْكُ ما لا يجدُ الإنسانُ فيه بركةً مِن دارٍ أو زوجةٍ أو دابَّةٍ غيرُ منهي عنه.

[وكذلك مَن اتَّجَر في شيءٍ فلم يربحْ فيه ثلاثَ مراتٍ، فإنَّه يتحوَّل عنه] (٥).

رُوي ذلك عن عُمرَ بن الخطاب رضي الله عنه، فإنْ (٦) بُورك له في شيء فلا يتغير عنه. ففي "المسند" (٧) و"سنن ابن ماجة" عن عائشة رضي اللهُ عنها مرفوعًا "إذا كان لأحدكم رِزْقٌ في شيءٍ فلا يَدَعْهُ حتَّى يتغيَّر له، أو يتنكَّرَ له".


(١) أي المرأة والفرس والدَّار. أخرجه ابن ماجه رقم (١٩٩٣) في النكاح، باب ما يكون فيه اليمن والشؤم؛ والترمذي رقم (٢٨٢٦) في الأدب، باب ما جاء في الشؤم، من حديث حكيم بن معاوية. وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة رقم (١٩٣٠)، وفي صحيح الجامع الصغير رقم (٧٥٠٠).
(٢) أخرجه ابن ماجه رقم (١٩١٨) في النكاح، باب ما يقول الرجل إذا دخلت عليه أهله، والبيهقي في "السنن" ٧/ ١٤٨. ولم أجده في سنن أبي داود.
(٣) في آ: "يقول".
(٤) أخرجه أبو داود في "سننه" رقم (٣٩٢٤) في الطب، باب في الطيرة. والموطأ ٢/ ٩٧٢ في الاستئذان، باب ما يتقى من الشؤم.
(٥) ما بين قوسين ساقط في (آ).
(٦) في ط: "فإنه قال: من بورك له … ".
(٧) رواه أحمد في "المسند" ٦/ ٢٤٦، وابن ماجه رقم (٢١٤٨) في التجارات، باب إذا قسم للرجل رزق من وجه فليلزمه. وفي إسناده مقال، كما في الزوائد. ونصه عند ابن ماجه: "إذا سبَّبَ الله لأحدكم رزقًا من وجه، فلا يَدَعْهُ حتى يتغيَّر له، أو يتنكَّر له".

<<  <   >  >>