للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويُمسِي: بسم اللهِ الذي لا يضُرُّ مع اسْمِهِ شيء في الأرضِ ولا في السَّماءِ، وهو السَّميعُ العليمُ، لم يُصِبْهُ بَلاءٌ" (١). وفي "المسند" (٢) عن عائشةَ رضي الله عنها، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "الشؤمُ سُوءُ الخلقِ". وخرَّجَه الخرائطيُّ (٣)، ولفظُه "اليُمْنُ حُسْنُ الخُلُقِ". وفي الجملة: فلا شُؤمَ إلَّا المعاصي والذنوب؛ فإنَّها تُسخِطُ الله عزَّ وجَلَّ، فإذا سخِطَ الله عزَّ وجَلَّ على عبدِهِ شقيَ في الدنيا والآخرةِ، كما أنه إذا رضي عن (٤) عبدِهِ سَعِدَ في الدنيا والآخرة.

قال بعضُ الصالحين، وقد شُكي إليه بلاءٌ وقع في (٥) الناسِ، فقال: ما أَرَى ما أنتم فيه إلَّا بشؤمِ الذُّنوبِ. وقال أبو حازم: كُلُّ ما شغَلَكَ عن اللهِ مِن أهلٍ أو ولدٍ أو مالٍ فهو عليك مَشْؤومٌ.

وقد قيل:

فلا كانَ ما يُلهِي عن اللهِ إنَّه … يَضُرُّ ويُؤذِي إنَّه لَمشؤومُ

فالشؤم في الحقيقة هو المعصيةُ (٦)، واليُمْنُ هو طاعةُ الله وتقواهُ، كما قيلَ:

إنَّ رأيًا (٧) دَعا إلى طَاعَةِ … اللهِ لرأيٌ مُبَارَكٌ مَيْمُونُ

والعَدْوَى التي تُهلِكُ مَن قاربَهَا هي المعاصي؛ فَمَنْ قاربَهَا وخالطَهَا وأصَرَّ عليها هَلَكَ، وكذلك مُخالطةُ أهلِ المعاصي، ومن يُحسِّنُ المعاصي (٨) ويُزيّنُها ويدعو إليها


(١) أخرجه الترمذي رقم (٣٣٨٥) في الدعوات، باب ما جاء إذا أصبح وإذا أمسى؛ وأبو داود رقم (٥٠٨٨) و (٥٠٨٩) في الأدب، باب ما يقول إذا أصبح؛ وابن ماجه رقم (٣٨٦٩) في الدعاء، باب ما يدعو به الرجل إذا أصبح أو إذا أمسى، وإسناده حسن؛ وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب صحيح. وذكره المؤلف هنا مختصرًا.
(٢) المسند ٦/ ٨٥، وسنن أبي داود رقم (٥١٦٢) و (٥١٦٣) في الأدب، باب في حق المملوك، ولفظه: "حسن الملكة نماء، وسوء الخلق شؤم".
(٣) مكارم الأخلاق ص ٨، والجامع الصغير للسيوطي، وعزاه إلى الخرائطي في "مكارم الأخلاق" عن عائشة، وهو ضعيف. وكذا ذكره الألباني في "ضعيف الجامع الصغير" رقم (٦٤٦٩).
(٤) في آ، ب: "على".
(٥) في آ: "وقد شكي إليه ما وقع فيه الناس"، وفي ش: "وقد شكي إليه بلاء وقع فيه الناس".
(٦) في ط: "هو معصية الله".
(٧) في آ: "إن داعٍ".
(٨) في ب، ش، ط: "المعصية".

<<  <   >  >>