للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يمنعُ كونَهُ نبيًّا قبلَ خُروجِه، كَمَنْ يُوَلِّي وِلايةً ويؤمَرُ بالتَّصرُّفِ فيها (١) في زمنٍ مُسْتَقْبَلٍ، فحُكْمُ لوِلايةِ ثابتٌ له من حين ولايتِهِ وإن كان تصرُّفُه يتأخَّر (٢) إلى حين مجيءِ الوقتِ.

قال حَنْبَلُ (٣): قلت لأبي عبدِ اللهِ - يعني أحمد: مَنْ زَعَمَ أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان على دِين قومه أن يُبعَثَ؟ قالَ: هذا قولُ سُوءٍ، ينبغي لصاحب هذه المقالةِ [أن] (٤) يُحذَرَ كلامُه، ولا يجالَسَ، قُلْتُ له: إنَّ جارنا النَّاقِدَ أبا العبَّاسِ يقولُ هذه المقالَةَ، قال: قاتلَهُ الله! وأيّ شيءٍ أبقَى إذا زَعَمَ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان على دينِ قَوْمِهِ وهم يعبُدونَ الأصنامَ؟!

قال الله تعالى مخبرًا (٥) عن عيسى عليه السلام: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} (٦). قلت له: وزَعَم أن خديجةَ كانتْ على ذلك حين (٧) تزوَّجَها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية. قال: أمَّا خديجةُ فلا أقولُ شيئًا، قد كانَتْ أوَّلَ مَنْ آمنَ به مِن النساء، ثم قال: ماذا يُحدِثُ النَّاسُ مِن الكلام إ؟ هؤلاء أصحابُ الكلام، مَنْ أَحَبَّ الكلامَ (٨) لم يُفْلِحْ. سبحان اللهِ لهذا القولِ!! واحتجَّ في ذلك بكلامٍ لم أحفَظْهُ. وذكر أن (٩) أمَّه حين وَلدت رأتْ نورًا أَضاء له [قُصُور الشام] (١٠)، أو ليس هذا عندما ولدتْ رأتْ هذا، وقبلَ أنْ يُبعَثَ كان طاهرًا مطهَّرًا من الأوثانِ، أو لَيْسَ كان لا يأكُلُ ما (١١) ذُبِحَ على النُّصُب؟ (١٢) ثم قال: احذروا (١٣) الكلام، فإنَّ أصحابَ الكلام لا يؤولُ أمرُهُم إلى خيرٍ. خرجَّه أبو بكر عبد العزيز بن جعفر (١٤) في "كتاب السُّنَّ".


(١) في ب، ش: "بها".
(٢) في آ: "متأخِّرًا".
(٣) هو حنبل بن إسحاق بن حنبل بن هلال بن أسد الشَّيباني، أبو علي، الإمام الحافظ المحدِّث الصدوق، ابن عم الإمام أحمد وتلميذه، مات سنة ٢٧٣ هـ. (سير أعلام النبلاء ١٣/ ٥١).
(٤) زيادة من نسخة (ع).
(٥) في ع، ط: "حاكيًا".
(٦) سورة الصف، الآية ٦.
(٧) في آ: "حتى".
(٨) قوله: "من أحب الكلام" سقط من (ط).
(٩) في آ، ش "وذكرَتْ".
(١٠) ما بين حاصرتين لم يرد في آ، ب.
(١١) في ط: "لما".
(١٢) النُّصُبُ: حجارة كان أهل الجاهلية يعبدونها ويذبحون لها، فنهى الله عن ذلك. قال تعالى - المائدة الآية ٣ - : {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِه … وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ … }.
(١٣) في آ: "احذر".
(١٤) ويعرف بغلام الخلَّال. مفسِّر، ثقة في الحديث، من أعيان الحَنابلة، من أهل بغداد. كان تلميذًا لأبي بكر الخلال فلقب به. مات سنة ٣٦٣ هـ. (سير أعلام النبلاء ١٦/ ١٤٣).

<<  <   >  >>