للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأَنْتَ لمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الْـ … أَرْضُ وضَاءَتْ بنُورِت الأفُقُ

فَنَحْنُ في ذلكَ الضِّياءِ وفي الـ … ــنُّورِ وسُبلِ الرَّشاد نَخْتَرِقُ (١)

وأما إضاءةُ قُصورِ بُصْرَى بالنُّورِ الذي خَرَجَ مَعَهُ فهو إشارَةٌ إلى ما خَصَّ الشَّامَ مِن نُورِ نبوَّتهِ، فإنَّها (٢) دارُ مُلْكِهِ. كما ذَكَرَ كَعْبٌ أن فِي الكتب السابقةِ: محمدٌ رسولُ اللهِ، مولدُهُ بمكَّةَ، ومهاجَرُه يثرِبُ (٣)، ومُلْكُهُ بالشَّام؛ فمِنْ مَكَّةَ بُدِئَتْ نبوَّةُ محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وإلى الشَّام يَنتهِي مُلْكُهُ، ولهذا أُسْرِيَ بِهِ - صلى الله عليه وسلم - إلى الشَّام، إلى بَيْتِ المقدِسِ، كما هَاجَرَ إبراهيَم - عليه السَّلام - من قَبْلِهِ إلى الشَّام.

قال بعضُ السَّلَفِ: ما بعَثَ اللهُ نبيًّا إلَّا مِنَ الشَّامِ، فإنْ لم يُبْعَثْ مِنها هاجَرَ إليها. وفي آخرِ الزَّمانِ يستقرُّ العِلْمُ والإِيمانُ بالشامِ، فيكونُ نُورُ النبوَّةِ فيها أظهَرَ مِنْهُ في سائِرِ بلادِ الإِسلام.

وخرَّج الإمامُ أحمدُ من حديث عمرو بن العاص (٤)، وأبي الدَّرداء. وخرَّجَ الحاكِمُ من حديثِ عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "رَأَيْتُ عَمُودَ الكِتابِ انتُزِعَ مِنْ تحتِ وسادتِي، فأتْبَعْتُهُ بَصَرِي، فإذا هو عَمُودٌ سَاطِعٌ عُمِدَ بِهِ إلى الشام، أَلَا وإن الإيمانَ إذا وقعَتِ الفِتَنُ بالشام" (٥). وفي "المسند" والترمذي وغيرهَما، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "سَتكُونُ هِجْرَةٌ بعدَ هِجرةٍ، فخِيارُ أهْلِ الأَرضِ ألزَمُهُم مُهَاجَرَ إبراهيمَ"، يعني الشَّام (٦).

وبالشام ينزلُ عيسى بنُ مريمَ - عليه السَّلامُ - في آخِرِ الزَّمانِ، وهو المُبشِّرُ


(١) البيتان في "أسد الغابة" لابن الأثير ٢/ ١٣٠، و "سير أعلام النبلاء" للذهبي ٢/ ١٠٣.
(٢) في ط: "بأنها".
(٣) في آ: "بيثرب".
(٤) في ط: "عبد الله بن عمرو بن العاص"، وهو خطأ.
(٥) رواه أحمد في "المسند" ٤/ ١٩٨ والحاكم في "المستدرك" ٤/ ٥٠٩ من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - ورواه أيضًا أحمد في "المسند" ٥/ ١٩٩ من حديث أبي الدَّرْدَاء، رضي الله عنه. وهو حديث صحيح، وله شواهد أخر.
(٦) رواه أحمد في "المسند" ٢/ ١٩٩ و ٢٠٩ وأبو داود رقم (٢٤٨٢) في الجهاد: باب سكنى الشام، والحاكم في "المستدرك" ٤/ ٥١٠ - ٥١١ وصححه ووافقه الذهبي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، ورواه أيضًا أحمد في "المسند" ٢/ ٨٤ من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وليس الحديث عنه الترمذي كما ذكر المؤلف رحمه الله تعالى.

<<  <   >  >>