للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمحمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، [فيقرِّرُ عنذ نُزولِهِ دين محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -] (١)، ويَحْكُمُ بهِ، ولا يَقْبَلُ مِن أحدٍ غيرَ دينِهِ، فيكسِرُ الصَّلِيبَ، ويقتُلُ (٢) الخِنزير، ويضَعُ الجِزْيَةَ، ويُصلِّي خَلْفَ إمامِ المسلمينَ، ويقولُ: إنَّ هذه الأمة أئمَّةٌ بعضُهُم لِبَعْض، إشارة إلَى أنَّه متَّبعٌ لِدِينِهم غيرُ ناسخٍ له. والشَّامُ هي في آخِرِ الزَّمانِ أَرْضُ المحشَر والمَنْشَرِ (٣)، فَيُحْشَرُ النَّاسُ إليها قبلَ القِيامةِ مِن أقطارِ الأرض، فيُهاجرُ خيارُ أهلِ الأرض إلى مُهَاجرِ إبراهيمَ، وهي أرضُ الشَّام طوعًا. كما تقدَّمَ أن خِيَارَ أهلِ الأرض ألزمُهُم مُهَاجَرَ إبراهِيمَ.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بالشَّام؛ فإنَّها خِيرةُ اللهِ مِن أرضِهِ، يَجْتَبِي (٤) إليها خِيرَتَهُ مِن عِبَادِهِ". خرَّجَهُ الإِمامُ أحمدُ، وأَبو داود، وابنُ حِبَّانَ، والحاكم في "صحيحيهما" (٥). وقال أبو أُمامَةَ: لا تقومُ السَّاعَةُ حتَّى ينتقِلَ خِيارُ أهلِ العِراقِ إلى الشامِ، وشرارُ أهْلِ الشام إلى العراقِ. خرَّجه الإمام أحمد (٦).

وقد ثبتَ في "الصحيحين" عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قالَ: "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تخرُجَ نارٌ بن أرض الحِجازِ فتضيء لها أعناقُ الإِبل بِبُصْرَى" (٧).

وقد خرجت هذه النَّارُ بالحجاز بقرب المدينة، ورُئيتْ أعناق الإبلِ مِنْ ضَوْئِها بِبُصْرَى في سنةِ أربعٍ وخمسين وستمائة (٨)، وعقيبها جَرَتْ


(١) ما بين حاصرتين سقط من (ط).
(٢) في ط: "وينقل" هو تصحيف.
(٣) رواه أحمد في "المسند" ٦/ ٤٦٣، وابن ماجه رقم (١٤٠٧) من حديث ميمونة بنت سعد مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو حديث صحيح. وفي اللسان عن ابن عمر، رضي الله عنهما: فهلَّا إلى الشام، أرض المَنْشر، أي موضع النُّشور، وهي الأرض المقدسة من الشام يحشر الله الموتى إليها يوم القيامة، وهي أرضَ المحشر.
(٤) يجتبي: يصطفي ويختار.
(٥) رواه أحمد في "المسند" ٤/ ١١٠ وأبو داود رقم (٢٤٨٣) في الجهاد: باب في سكنى الشام من حديث عبد الله بن حوالة رضي الله عنه، واللفظ لهما، وهو بالمعنى عند الحاكم ٤/ ٥٠٩ و ٥١٠ من حديث أبي أمامة، وانظر "مجمع الزوائد" ١٠/ ٥٩.
(٦) رواه أحمد في "المسند" ٥/ ٢٤٩. وإسناده ضعيف.
(٧) رواه البخاري رقم (٧١١٨) في الفتن: باب خروج النار، ومسلم رقم (٢٩٠٢) في الفتن وأشراط الساعة: باب لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز.
(٨) قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ١٣/ ٧٩: قال القرطبي في "التذكرة": قد خرجت نار بالحجاز بالمدينة، وكان بدؤها زلزلة عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العتمة، الثالث من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة، واستمرت إلى ضحى النهار يوم الجمعة فسكنت، وظهرت النار بقريظة بطرف الحرة ترى في صورة البلد العظيم عليها سورٌ محيط عليه شراريف وأبراج ومآذن، وترى رجال يقودونها،=

<<  <   >  >>