للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمنينَ بما يشاءُ مِن المِحَن، ولكن دِينه قائمٌ محفوظٌ لا يَزالُ تقومُ بهِ أُمَّةٌ مِن أُمَّةِ مُحمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لا يضرُّهُم مَنْ خذَلهم حتَّى يَأتيَ أَمْرُ اللهِ وهُمْ على ذلك، كما قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (٣٢) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} (١).

وقد أخبرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن هذا البيتَ يُحَجُّ ويُعْتَمَرُ بَعْدَ خُرُوجِ يأجوجَ ومأجُوجَ (٢)، ولَا يزالُ كذلك حتَّى تُخرِّبَهُ الحَبَشَةُ (٣)، ويُلْقُونَ حِجَارَتَهُ في البحرِ، وذلك بعدَ أنْ يَبْعَثَ الله ريحًا طيِّبةً تَقْبِضُ أرواحَ المؤمنينَ كلِّهم، فلا يَبْقى في (٤) الأرضِ مؤمنٌ (٥). ويُسْرَى بالقرآنِ مِن الصُّدُورِ والمصاحِفِ، فلا يَبْقَى في الأرضِ قرآنٌ، ولا إيمانٌ، ولا شيء مِن الخير (٦). فبعدَ ذلك تقومُ السَّاعةُ، ولا تقومُ إلَّا علَى شِرارِ النَّاسِ (٧). وقولُه - صلى الله عليه وسلم -: "ويوم أنزلت عليَّ فيه النُّبوَّة"، يعني أنَّه - صلى الله عليه وسلم - نُبِّئَ يومَ الاثنين.

وفي "المسند" عن ابن عبَّاسٍ، قال: وُلِدَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ الاثنينِ، واسْتُنْبِئَ يومَ الاثنينِ، وخَرَجَ مُهَاجِرًا مِن مَكةَ إلى المدينة يومَ الاثنين، وَدَخَلَ المدينةَ يومَ الاثنين، وتُوفِّي يومَ الاثنين، وَرَفَعَ الحَجَرَ الأسودَ يومَ الاثنين (٨). وذكر ابنُ إسحاقَ (٩) أنَّ النُّبوَّة نَزَلَتْ يومَ الجمعةِ، وحديثُ أبي قَتَادَةَ (١٠) يَرُدُّ هذا. واختلفوا في أيِّ شهرٍ كان ابتداءُ النُّبوَّةِ؟ فقيل: في رمضان. وقيل: في رجَبٍ، ولا يصِحُّ. وقيل: في ربيع الأوَّل. وقيل: إنه نُبِّئَ يومَ الاثنين لثمانٍ مِن ربيع الأوَّل.


(١) سورة التوبة، الآيتان ٣٢، ٣٣.
(٢) رواه البخاري رقم (١٥٩٣) في الحج، باب: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ} [المائدة: ٩٧]، وأحمد في المسند ٣/ ٣٧ و ٦٤ من حديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه.
(٣) رواه البخاري رقم (١٥٩١)، ومسلم رقم (٢٩٠٩) في الفتن وأشراط الساعة من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.
(٤) في ب، ط: "على".
(٥) رواه مسلم رقم (٢٩٠٧) في الفتن وأشراط الساعة، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٦) رواه ابن ماجه رقم (٤٠٤٩)، والحاكم في "المستدرك" ٤/ ٤٧٣ و ٥٤٥ من حديث حذيفة بن اليمان، رضي الله عنه، وهو حديث صحيح.
(٧) رواه أحمد في "المسند" ١/ ٤٣٥؛ ومسلم في صحيحه رقم (٢٩٤٩) في الفتن وأشراط الساعة، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(٨) رواه أحمد في "المسند" ١/ ٢٧٧ مع تقديم وتأخير في لفظ.
(٩) انظر: "السيرة النبوية" بتهذيب ابن هشام ١/ ٢٣٩ - ٢٤٠.
(١٠) تقدم تخريجه في ص ١٨١. انظر "صحيح مسلم" رقم (١١٦٢) (١٩٧) من حديث أبي قتادة الأنصاري، رضي الله عنه.

<<  <   >  >>