للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"أعمارُ أُمَّتِي ما بين السِّتينَ إلى السَّبعينَ، وأقلُّهُم مَن يَجُوزُ ذلك (١) " (٢). [وفي حديثٍ آخَرَ: "مُعْترَك المَنَايا ما بَينَ السِّتينَ إلى السَّبعين"] (٣).

وفي حديثٍ آخَرَ: "إنَّ لِكُلِّ شَيءٍ حصادًا، وحَصَادُ أُمَّتي ما بينَ السَّتينَ إلى السَّبعينَ" (٤). وفي هذا المعتركِ قبِضَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. قال سفيان الثوريُّ: مَنْ بَلَغَ سِنَّ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فليتَّخِذْ لِنَفْسِهِ كَفَنًا.

وإنَّ امْرَأً قَدْ سَارَ سِتِّينَ حجَّةً … إلى مَنْهلٍ مِن وُردِهِ لَقَرِيبُ

قال الفضيلُ لرجلٍ: كم أتَى عليكَ؟ قال: ستونَ سَنَةً. قال له: أنتَ منذُ ستينَ سنةً تسير إلى رَبِّكَ، يُوشِكُ أنْ تبلُغَ، فقال الرجل: إنَّا لله وإنا إليه راجعونَ، فقال فُضَيل: مَنْ عَلِمَ أنَّه للهِ عَبْدٌ وأنَّه إليه رَاجِعٌ، فَلْيَعْلَمْ أنَّه موقوفٌ، وأنَّه مَسْؤُولٌ، فليُعِدَّ للمسألةِ جَوابًا، فقال له الرَّجُلُ: فما الحيلَةُ؟ قال: يَسيرَةٌ، قال: ما هي؟ قال: تُحْسِنُ فيما بَقِي فَيُغْفَرُ (٥) لكَ ما مَضَى، فإنَّك إنْ أَسَأْتَ فيما بقِي أُخِذْتَ بما مَضَى وما بَقِيَ.

خُذْ في جِدٍّ فَقَدْ تَولَّى العُمْر … كَمْ ذَا التَّفْرِيطُ قد تَدَانى الأَمْرُ

أَقْبِلْ فَعَسَى يُقْبَلُ مِنْكَ العُذْرُ … كَمْ تَبْنِي، كَمْ تَنْقُضُ، كَمْ ذا الغَدْرُ

وما زالَ - صلى الله عليه وسلم - يُعَرِّضُ باقتِراب أجَلِهِ في آخِرِ عُمُرِه، فإنَّه لمَّا خَطَبَ في حَجَّةِ الوَدَاع، قال للنَّاس: "خُذُوا عَنِّي مناسِكَكم، فَلَعَلِّي لَا أَلْقَاكم بَعْدَ عَامِي هَذا" (٦).


(١) قوله: "وأقلهم من يجوز ذلك" سقط من (آ).
(٢) رواه الترمذي رقم (٣٥٥٠) في الدعوات، باب، في دعاء النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ومختصرًا بنحوه رقم (٢٣٣١) في الزهد، باب، رقم (٢٣). ورواه أيضًا ابن ماجه رقم (٤٢٣٦)، والحاكم في "المستدرك" ٢/ ٤٢٧ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
(٣) هذا الحديث سقط من (آ). وقد ذكره السيوطي في "الجامع الصغير" رقم (٨١٨٧) وعزاه إلى الحكيم الترمذي من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، وهو حديث حسن بما قبله.
(٤) ذكره السيوطي في "الجامع الصغير" رقم (٧٣١٢) وعزاه إلى ابن عساكر من حديث ابن عباس، رضي الله عنهما. وهو حديث ضعيف بهذا اللفظ.
(٥) في ب، ش، ط: "يغفر".
(٦) هو جزء من حديث طويل رواه مسلم رقم (١٢٩٧) في الحج، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.

<<  <   >  >>