للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي حديثٍ مرفوعٍ: "نومُ الصَّائم عبادةٌ" (١). قالت حفصةُ بنتُ سِيرينَ: قال أبو العالية: "الصَّائم في عبادَةٍ ما لم يغتَبْ أحدًا وإن كان نائمًا على فراشه" (٢). قال: وكانت حفصة تقول: "يا حبَّذا عبادةٌ وأنا نائمة على فراشي". خرَّجه عبدُ الرزاق.

فالصَّائم في ليله ونهاره في عبادَةٍ، ويُستجابُ دعاؤه في صيامه وعند فطره. فهو في نهاره صائمٌ صابرٌ؛ وفي ليله طاعمٌ شاكرٌ.

وفي الحديث الذي خرَّجه الترمذي (٣) وغيرُهُ: "الطَّاعِمُ الشَّاكرُ بمنزلة الصَّائم الصَّابر".

ومَن فهِمَ هذا الذي أشرنا إليه لم يتوقَّفْ في معنَى فَرَحِ الصَّائم عندَ فِطْره؛ فإنَّ فِطْرَهُ على الوجه المشار إليه مِن فضلِ الله ورحمتِه، فيدخُل في قول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} (٤). ولكنْ شرطُ ذلك أن يكونَ فِطرُه على حلالٍ، فإن كان فطرُهُ على حرام كان ممَّن صام عمَّا أحلَّ الله، وأفطَرَ على ما حرَّمَ اللهُ، ولم يُستجَبْ له دعاءٌ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي يُطيلُ


(١) أورده السيوطي في "الجامع الصغير" رقم (٩٢٩٣) وعزاه إلى البيهقي في "شعب الإيمان" عن عبد الله بن أبي أوفى، ورمز له بالضعف. وذكره القاري في "الأسرار المرفوعة" ص ٣٧٤: وقال: "رواه البيهقي بسند ضعيف عن عبد الله بن أبي أوفى "، وكذا الألباني في "ضعيف الجامع الصغير" ٦/ ١٧ رقم (٥٩٨٤). وفي الحلية ٥/ ٨٣ عن عبد الله بن مسعود. وتمامه: "نوم الصائم عبادة، وصمته تسبح، وعمله مضاعف، ودعاؤه مستجاب، وذنبه مغفور".
(٢) أورد السيوطي في "الجامع الصغير" حديثين رقم (٥١٢٥) و (٥١٢٦) وعزاهما إلى الديلمي في "مسند الفردوس"، وهما برقم (٣٨٢٤) و (٣٨٢٥)، ورمز لهما بالضعف. الحديث الأول عن أنس بن مالك: "الصائم في عبادة وإن كان نائمًا على فراشه"، رمز له المناوي في "فيض القدير" رقم (٥١٢٥) بالضعف، وقال: "فيه محمد بن أحمد بن سهيل، قال الذهبي في الضعفاء، قال ابن عدي: ممن يضع الحديث". والحديث الثاني عن أبي هريرة: "الصائم في عبادة ما لم يغتب مسلمًا أو يؤذه". ورمز له المناوي (٥١٢٦) أيضًا بالضعف، قال: "وفيه عبد الرحيم بن هارون، قال الذهبي في الضعفاء: قال الدارقطني: يكذب. وفيه الحسن بن منصور، قال ابن الجوزي في العلل: غير معروف الحال، وقال ابن عدي: حديث منكر. وأوردهما الألباني في "ضعيف الجامع الصغير" ٣/ ٢٧٨ و ٢٧٩.
(٣) أخرجه الترمذي رقم (٢٤٨٨) في صفة القيامة: باب الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر، وحسنه. وأخرجه ابن ماجه رقم (١٧٦٩) في الصيام: باب فيمن قال: الطاعم الشاكر كالصائم الصابر. ورواه أحمد في "المسند" ٢/ ٢٨٣ و ٢٨٩ وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٤) سورة يونس الآية ٥٨.

<<  <   >  >>