للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الترمذي (١) من حديث سَعْد بن أبي وَقاص، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله جَوَادٌ يُحِبُّ الجُودَ، كريمٌ يُحبُّ الكَرَمَ".

وفيه أيضًا: من حديث أبي ذَرٍّ رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن رَبِّه، قال: " [يقول اللهُ تعالى:] يا عبادي! لو أنَّ أوَّلَكُم وآخِرَكُم، وحيِّكم وميِّتكم، ورَطْبَكم ويابسَكُم اجتَمَعُوا في صعيدٍ واحدٍ، فسأل كُلُّ إنسان منكم، ما بَلَغَتْ أمنيَّتَهُ، فأَعْطيْتُ كُلَّ سائل (٢) منكم، ما نَقصَ ذلك مِن مُلْكِي إلَّا كما لو أن أَحَدَكُم مَرَّ بالبحر، فغَمَسَ فيه إبرَةً ثم رفَعَها إِليه؛ ذلك بأنِّي جَوادٌ واجدٌ ماجِدٌ، أفعَلُ ما أريدُ، عَطَائي كلامٌ، وعذابي كلام، إنَّما أمري لشيءٍ إذا أردْتُ أن أقولَ له: كُنْ فيكون" (٣).

وفي الأثر المشهور عن فُضَيل بن عياض: إن الله تعالى يقولُ كُلَّ ليلةٍ: أنا الجوادُ ومنِّي الجُودُ، أنا الكريم ومنِّي الكَرَمُ. فالله سبحانه وتعالى أجودُ الأجودين، وجُودُهُ يتضاعَفُ في أوقاتٍ خاصَّةٍ، كشهرِ رمضانَ، وفيه أُنزِل قولُه تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (٤).

وفي الحديث الذي خرّجه الترمذيُّ (٥) وغيرُه "أنَّه يُنادِي فيه منادٍ: يا باغِيَ الخَيْرِ هَلُمَّ، ويا باغِي الشَّرِّ أَقْصِرْ، ولله عُتَقاءُ من النَّار، وذلك كُلَّ ليلةٍ".

ولمَّا كان الله عزَّ وجلَّ قد جَبَلَ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - على أكمل الأخلاق وأشرفها، كما في حديث أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إنَّما بُعِثْتُ لأتمِّم مكارِمَ الأخلاق" (٦). وذكره


(١) قطعة من حديث أخرجه الترمذي رقم (٢٨٠٠) في الأدب: باب ما جاء في النظافة. قال الترمذي: هذا حديث غريب، وخالد بن إلياس يضعَّف ولفظه فيه: "سُمع يقول: "إنَّ الله طيِّبٌ يحبُّ الطيِّب، نظيفٌ يحبُّ النظافة، كريم يحبُّ الكَرَم، جوادٌ يحبُّ الجود، فنظِّفوا - أَراه قال: أفنِيتَكُم - ولا تَشَبَّهوا باليهود".
(٢) في آ: "كل إنسان منكم ما بلغت أمنيَّته".
(٣) رواه أحمد في "مسنده" ٥/ ١٥٤، ١٧٧ مع اختلاف يسير، ومسلم رقم (٢٥٧٧) في البر والصلة: باب تحريم الظلم، والترمذي رقم (٢٤٩٧) في صفة القيامة: باب فضل الرفق بالضعيف والوالدين والمملوك، وقال: هذا حديث حسن. وأخرجه ابن ماجه رقم (٤٢٥٧) في الزهد: باب ذكر التوبة. وهو حديث مشهور وأصل من أصول الإسلام. كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه. وقال أحمد بن حنبل: ليس لأهل الشام حديث أشرف من هذا الحديث.
(٤) سورة البقرة الآية ١٨٦.
(٥) أخرجه الترمذي رقم (٦٨٢) في الصوم: باب ما جاء في فضل شهر رمضان، عن أبي هريرة. وليس في المطبوع لفظة "هلم". وبنحوه من حديث عُتْبَة بن فَرْقَد عند النسائي ٤/ ١٢٩ و ١٣٠ في الصيام: باب فضل شهر رمضان، وهو حديث حسن.
(٦) في آ، ب، وإحدى نسخ المطبوع: "صالح الأخلاق".

<<  <   >  >>