للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُرَى أصغرَ ولا أحقرَ ولا أدحَر فيه منه؛ لِمَا يَرَى مِن تنزُّلِ الرَّحمةِ وتجاوُزِ اللهِ عن الذُّنوبِ العِظامِ، إلا ما رؤي يومَ بدْرٍ.

وَرُوِيَ أنَّه لمَّا رأى نزولَ المغفِرة للأمَّةِ في حجَّةِ الوداع يومَ النَّحْرِ بالمزدلفَةِ، أهوَى يحثِي على رأسِهِ الترابَ، ويدعو بالويل والثبور. فتبسَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا رأى من جزع الخبيثِ. وفي شهر رمضانَ يلطفُ الله بأمَّة محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - فيغلُّ فيه الشياطينَ وَمَرَدَةَ الجِنِّ حتَّى لا يقدِروا على ما كانوا يقدِرون عليه في غيره من تسويل الذنوب. ولهذا تقِلُّ المعاصي في شهر رمضان في الأمَّة لذلك. ففي "الصحيحين" (١) عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا دَخَلَ رَمَضانُ فُتِّحَتْ أبوابُ السَّماءِ، وغُلِّقَتْ أبوابُ جَهَنَّم، وسُلْسِلَت الشَّياطينُ". ولمسلمٍ: "فُتحَتْ أبوابُ الرحمةِ". وله أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا جاء رمضان فُتحَتْ أبوابُ الجنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أبوابُ النَّار، وصُفِّدَتِ الشياطينُ".

وخرَّج منه البخاري ذِكْرَ فتحِ أبوابِ الجنَّةِ.

وللترمذي (٢) وابن ماجه عنه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا كان أوَّلُ ليلةٍ من شهر رَمَضانَ صُفِّدَتِ الشَّياطينُ ومَرَدَةُ الجِنِّ، وغُلِّقَتْ أبوابُ النَّارِ، فلم يُفْتَحْ منها بابٌ؛ وفُتِحَتْ أبوابُ الجنَّة، فلم يُغْلَقْ منها بابٌ؛ ويُنادِي منادٍ: يا باغيَ الخير أَقْبِلْ، ويا باغيَ الشرِّ أَقْصِرْ، وللهِ عُتقاءُ مِن النَّارِ، وذلك [في] كُلِّ ليلةٍ". وفي رواية للنسائي (٣): "وتُغَلُّ فيه مَرَدَةُ الشياطينِ".

وللإِمام أحمدَ (٤) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أُعْطِيَتْ


(١) أخرجه البخاري ٤/ ١١٢ في الصوم: باب هل يقال: رمضان أو شهر رمضان، ومن رأى كلَّه واسعًا، وفي بدء الخلق: باب صفة إبليس وجنوده. ومسلم رقم (١٠٧٩) في الصوم: باب فضل شهر رمضان.
(٢) رقم (٦٨٢) في الصوم: باب ما جاء في فضل شهر رمضان، وابن ماجه رقم (١٦٤٢) في الصيام: باب ما جاء في فضل شهر رمضان.
(٣) ٤/ ١٢٦ - ١٢٨ في الصوم: باب فضل شهر رمضان، وباب ذكر الاختلاف على الزهري فيه.
(٤) مسند أحمد ٢/ ٢٩٢، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٣/ ١٤٠ وقال: "رواه أحمد والبزار، وفيه هشام بن زياد أبو المقدام، وهو ضعيف".

<<  <   >  >>