للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمدٍ [- صلى الله عليه وسلم -] (١) إلى الشرك بعدَ يومِكم هذا، ولكن أفتِنُوهم في دينهم، وأفشُوا فيهم النوحَ والشِّعْرَ. خرَّجه ابنُ أبي الدنيا.

وخرَّج الطبرانيُّ بإسناده، عن مجاهدٍ، عن أبي هريرة، قال: "إنَّ إبليسَ رَنَّ لمَّا أُنْزِلَتْ فاتحةُ الكتاب، وأُنزِلَتْ بالمدينة. والمعروف هذا عن مجاهدٍ مِن قوله، قال: رَنَّ إبليسُ أربعَ رَنَّاتٍ: حينَ لُعِنَ، وحينَ أُهبِطَ مِن الجنَّة، وحينَ بُعِثَ محمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -، وحين أُنْزِلَت فاتحةُ الكتاب؛ وأُنْزِلَتْ بالمدينة. خرَّجه (٢) وكيعٌ وغيرُه. وقال بعضُ التابعين: لمَّا أُنْزِلَتْ هذه الآيةُ {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ} (٣)، الآية، بَكَى إبليس (٤). يشير إلى شدَّة حزنه بنزولِها؛ لِما فيها من الفرح لأهل الذنوب، فهو لا يزال في همٍّ وغمِّ وحُزنٍ منذُ بُعِثَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، بما رأى منه ومن أمَّتِه ما يُهِمُّه ويُغِيظُه.

قال ثابت: لمَّا بُعثَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، قال إبليس لشياطينه: لقد حدث أمرٌ فانظروا ما هُو. فانطلقُوا، ثم جاؤوه، فقالوا: ما ندري. قال إبليس: أنا آتيكم (٥) بالخبر. فذهب وجاء، قال: قد بُعِثَ محمد - صلى الله عليه وسلم -. فجعل يُرسِلُ شياطينَه إلى أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيجيؤون (٦) بصُحفهم ليس فيها شيء. فقال: ما لكم لا تُصيبون منهم شيئًا؟ قالوا: ما صحِبْنا قومًا قَطُّ مثلَ هؤلاءِ؛ نصيبُ منهم ثم يقومون إلى الصلاة، فيُمْحَى ذلك. قال: رُويدًا! إنَّهم عسى أن يفتحَ اللهُ لهم الدنيا، هنالك تُصِيبُون حاجَتَكم منهم.

وعن الحسن، قال: قال إبليسُ: سَوَّلْتُ لأمَّة محمدٍ المعاصي، فقطَعُوا ظهري بالاستغفار، فسَوَّلْتُ لهم ذنوبًا لا يستغفرون منها، يعني الأهواء.

ولا يزالُ إبليسُ يَرَى في مواسم المغفِرَة والعِتقِ مِن النار ما يَسُوؤُه؛ فيومُ عرفَةَ لا


(١) زيادة من ب، ط.
(٢) الدر المنثور ١/ ١٦ - ١٧ وفيه: أخرجه وكيع في تفسيره، وابن الأنباري في المصاحف، وأبو الشيخ في العظمة، وأبو نعيم في الحلية، عن مجاهد.
(٣) سورة آل عمران الآية ١٣٥.
(٤) أخرجه ابن كثير في تفسيره ١/ ٤٠٧ من حديث ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٥) في ب، ط: "أنبِّئكم".
(٦) في ب، ش، ع، ط: "فيجيئوا".

<<  <   >  >>