للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طائفة: هي في النصف الثاني منه. وقد حكي عن أبي يوسُف ومحمَّد - وقد تقدَّم - قولُ مَن قال: إنَّها ليلةُ بدْرٍ، على اختلافهم؛ هل هي ليلةُ سبعَ عشرَةَ، أو تسْعَ عشرَةَ. وقال الجمهور: هي منحصرة في العشر الأواخر، واختلفوا في أي ليالي العشر أرجَى (١)؛ فحُكِي عن الحسن ومالك أنَّها تُطلَبُ في جميع ليالي العشر؛ أشفاعِهِ وأوتارِهِ، ورجَّحَه بعضُ أصحابنا، وقال: لأنَّ قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "التمِسُوها في تاسعةٍ تبقى، أو سابعةٍ تبقَى، أو خامِسَةٍ تبقَى" إنْ حملْنَاهُ على تقدير كمالِ الشهر، كانت أشفاعًا، وإنْ حملْنَاهُ على ما يبقى منه حقيقةً كان الأمر موقوفًا على كمالِ الشهر، فلا يُعلم قبلَه. فإنْ كان تامًّا كانت الليالي المأمور بطلبها أشفاعًا، وإن كان ناقصًا كانت أوتارًا. فيوجِبُ ذلك الاجتهاد في القيام في كلا الليلتين؛ الشَّفْعِ منها والوِتْر.

وقال الأكثرون: بل بعضُ لياليه أَرْجَى من بعض، وقالوا: الأوتار أرجَى في الجملةِ. ثم اختلفوا: في أيِّ أوتارِه أَرْجَى؛ فمنهم من قال: ليلة إحدَى وعشرين، وهو المشهور عن الشافعي؛ لحديث أبي سعيدٍ الخدريّ، وقد ذكرناه فيما سبق. وحُكِي عنه أنَّها تُطْلَبُ ليلةَ إحدى وعشرين، وثلاثٍ وعشرين، قال في "القديم": كأني رأيت - والله أعلم - أقوَى الأحاديث فيه ليلةَ إحدى وعشرين، وليلة ثلاثٍ وعشرين. [وهي التي مات فيها علي بن أبي طالب رضي الله عنه] (٢). وقد جاء في ليلةِ سبعَ عشرَةَ، وليلةِ أربعٍ وعشرين، وليلةِ سبعٍ وعشرين. انتهى (٣). وقد روي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما أنَّها تُطلب ليلة إحدى وعشرين وثلاثٍ وعشرين.

وحُكي للشافعي (٤) قولٌ آخَرُ أن أرجاها ليلةُ ثلاثٍ وعشرين. وهذا قولُ أهلِ المدينة. وحكاه سفيان الثورِيُّ عن أهل مكَّة والمدينة. وممن رُوي عنه "أنَّه كان يوقِظُ أهله فيها" ابنُ عباسٍ وعائشة، وهو قولُ مكحولٍ. وروى رِشْدِيْن بن سَعْدٍ، عن زُهْرَةَ بن مَعْبَدٍ، قال: أصابني احتلامٌ في أرض العدوٍّ وأنا في البحر ليلةَ ثلاثٍ وعشرين


(١) في آ، ب، ش: "أرجا".
(٢) زيادة من المطبوع.
(٣) حتى قوله: "وثلاث وعشرين" ساقط في آ، وفي ش: "وفي المسند أيضًا من وجه آخر عن ابن مسعود عن علي … ".
(٤) في آ: "وحكي للشافعي وأحمد".

<<  <   >  >>