للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نسيمَ صَبَا نَجْدٍ مَتَى جئْتَ حامِلًا … تحيَّتَهم فاطْوِ الحديثَ عَنِ الرَّكْبِ (١)

ولا تُذِعِ السِّرَّ المَصُونَ فإنَّني … أغارِّ على ذِكْرِ الأحِبَّة مِن صَحْبِي

يا يعقوبَ الهَجْرِ، قد هبَّتْ ريحُ يوسُفَ الوَصْلِ، فلو استنشقْتَ لعدْتَ بَعْدَ العَمَى بصيرًا، ولَوَجَدْتَ ما كنْتَ لفقده فقيرا.

كان لي قلبٌ أعيشُ به … ضَاعَ منِّي في تقلُّبهِ

رَبِّ! فارْدُدْهُ عليَّ فَقَدْ … عِيلَ صبْرِي في تطَلُّبِهِ

وأَغِثْنِي ما دام بي رَمَقٌ … يا غِياثَ المُسْتغِيثِ بِهِ

لو قام المذنبون في هذه الأسحار على أقدام الانكسار، ورفَعُوا قصصَ الاعتذار مضمونها: {يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا} (٢) لبرز لهم التوقيع عليها {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (٣).

أشكُو إلى اللهِ كما قَدْ شَكَى … أولادُ يعقوبَ إلى يوسُفِ

قَدْ مَسَّنِي الضُّرُّ وأَنْتَ الَّذي … تَعْلَمُ حالي وتَرَى مَوْقِفي

بضَاعَتِيَ المُزْجَاةُ مُحْتَاجَةٌ … إلى سَمَاح مِن كريمٍ وَفِيْ

فَقَدْ أَتَى المِسْكِينُ مُسْتَمْطِرًا … جُودَكَ فارْحَمْ ذُلَّهُ واعْطِفِ

فأوْفِ كَيْلِي وتَصَدَّقْ عَلَى … هذا المُقِلِّ البَائسِ الأضْعَفِ

قالت عائشة رضي الله عنها للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أرأيتَ إنْ وافقْتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، ما أقولُ فيها؟ قال: قولي: "اللهم، إنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فاعْفُ عَنِّي" (٤). العَفُوُّ مِن أسماءِ الله تعالى، وهو المتجاوز عن سيِّئاتِ عبادِهِ، الماحِي لآثارِها عنهم (٥). وهو يُحِبُّ العَفْوَ؛


(١) هذا البيت لم يرد في نسخة (آ).
(٢) سورة يوسف الآية ٨٨.
(٣) سورة يوسف الآية ٩٢.
(٤) أخرجه الترمذي رقم (٣٥٠٨) في الدعوات، باب رقم ٨٩، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وهو كما قال. وأخرجه أيضًا ابن ماجه رقم (٣٨٥٠) في الدعاء: باب الدعاء بالعفو والعافية، وأحمد في "المسند" ٦/ ١٧١ و ١٨٢ و ١٨٣.
(٥) وفي اللسان العَفوُّ: من أسماء الله تعالى، وهو فَعُول من العَفْو، وهو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه، وأصله المَحْوُ والطمْسُ، وهو من أبنية المبالغة.

<<  <   >  >>