للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالصَّائم يُرجَى استجابةُ دعائه، فينبغي إلَّا يدعُوَ إلَّا بأهم الأمور. قال أبو مسلم (١): ما عرضت لي دعوةٌ إلَّا صرفتها إلى الاستعاذة من النار، وقال {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} (٢).

في الحديث: [اطلبوا الخيرَ دهركُم كُلَّه و] (٣) تعرَّضوا لِنَفَحَاتِ رَحْمَةِ رَبِّكُم؛ فإنَّ لله نَفَحاتٍ مِن رَحْمَتِه يُصِيبُ بها من يَشاء من عِباده، [وسلوا الله أن يسْتُرَ عوراتكم وأن يؤمِّن روعاتكم] (٣)، فمن أصابته سعِدَ سعادَةً لا يشقَى بعدَها أبدًا، فمن أعظم نفحاته مصادفةُ ساعةِ إجابةٍ يسأل فيها العبدُ الجنَّةَ والنَّجاةَ من النَّار، فيُجاب سؤالُه، فيفوزُ بسعادَة الأبَدِ. قال الله تعالى {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} (٤)، وقال: {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ} (٥) إلى قوله: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ} (٦).

ليس السَّعيدُ الذي دُنياهُ تُسْعِدُهُ … إنَّ السَّعيدَ الَّذي يَنْجُو من النَّارِ

عبادَ الله! إنَّ شهرَ رمضانَ قد عَزَمَ على الرَّحيل، ولم يَبْقَ منه إلَّا القليل. فمن منكم أحسَنَ فيه فعليه التمام، ومن كان فَرَّطَ فليختمْهُ بالحُسْنَى؛ فالعملُ بالختام. فاستمتعوا (٧) منه فيما بقي من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعُوه عملًا صالحًا يشهَدُ لكم به عند الملك العلَّام، وودِّعُوه عند فراقه بأزْكَى تحيَّةٍ وسَلام.


= كيف تقولُ في الصلاة؟ قال: أتشهَّدُ، ثم أقول: اللهم إني أسألك الجنَّة، وأعوذ بك من النار، أَمَا إني لا أحسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَدَنْدَنَةَ معاذ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: حول ذلك ندَندِنُ أنا ومعاذ. ورواه أيضًا الإمام أحمد في "مسنده" ٣/ ٤٧٤، وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه رقم (٩١٠) في إقامة الصلاة: باب ما يقال في التشهد والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال البوصيري في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات.
(١) هو أبو مسلم الخولاني، عبد الله بن ثوَب، تابعي فقيه عابد، زاهد، أسلم قبل وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يره، توفي بدمشق، وقبره بداريا سنة ٦٢ هـ. له ترجمة مفصلة في تاريخ دمشق ص ٤٨٣ - ٥٢٥، طبع مجمع اللغة العربية بدمشق.
(٢) سورة الحشر الآية ٢٠، وقد تأخرت قليلًا عن آ، ش، ع.
(٣) تكملة من نسخة آ. والحديث رواه ابن أبي الدنيا في "الفرج بعد الشدة" رقم (٢٧)، عن أبي هريرة.
ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" عن أبي هريرة أيضًا. ورواه الحكيم الترمذي، وأبو نعيم في "الحلية" عن أنس، وهو حديث ضعيف.
(٤) سورة آل عمران الآية ١٨٥.
(٥) سورة هود الآية ١٠٦.
(٦) الآية ١٠٨ من سورة هود.
(٧) في ط: "فاستغنموا".

<<  <   >  >>