للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والنسائي. وخرَّج الإِمامُ أحمدُ (١) وأبو داود والنسائي والترمذي من حديث مسلم القرشي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه سئل عن صِيام الدَّهْرِ، فقال: "إنَّ لأهلك عليك حقًّا، فَصُمْ رَمَضَانَ والذي يليه، وكُلَّ أربعاءٍ وخَمِيسٍ، فإذا أنْتَ قد صُمْتَ الدَّهْرَ وأفطَرْتَ". وخرَّج ابن ماجه (٢) بإسنادٍ منقطِعٍ أن أسَامَةَ بنَ زيدٍ كان يَصُومُ أشهُر الحُرُم، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "صُمْ شوَّالًا". فترك أشْهُرَ الحُرُمِ، ثم لم يَزَلْ يَصُومُ شوَّالًا حتَّى مات.

وخرَّجه أبو يعلى الموصلي (٣) بإسنادٍ متَّصلٍ، عن أسَامة، قال: كنتُ أصومُ شهرًا من السَّنة، فقال لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أينَ أنتَ مِن شوَّالٍ؟ فكان أسَامَة إذا أفطَرَ (٤) أصبَحَ الغَدَ صائمًا مِن شوَّالٍ حتى يأتيَ على آخره وصِيامُ شوَّالٍ كصِيامِ شَعْبَانَ، لأنَّ كلا الشَّهْرَيْن حَرِيمٌ لِشَهر رَمضانَ، وهما يَلِيانِهِ. وقد ذكرنا في فَضْلِ صِيام شعبان أن الأظْهَرَ أن صيامَهما أفضلُ مِن صيامِ الأشهُر الحُرُم، ولا خلاف (٥) في ذلك. وإنَّما كان صيامُ رمضانَ واتباعُه بستٍّ مِن شوَّال يعدِلُ صِيامَ الدَّهْر؛ لأنَّ الحَسَنَةَ بعَشْرِ أمثالها، وقد جاء ذلك مفسَّرًا من حديث ثوبانَ رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "صِيامُ رمضانَ بعشْرَةِ أشْهُرٍ، وصِيامُ ستَّةِ أيام بشهرين، فذلك صيام سنةٍ". يعني رمضانَ وستَّةَ أيَّامٍ بعدَه. خرَّجَه الإِمامُ أحمدُ (٦) والنسائي وهذا لفظه، وابنُ حبَّان في صحيحه، وصحَّحه أبو حاتم الرازي.

وقال الإمام أحمد: ليس في أحاديث الباب (٧) أصَحّ منه. وتوقَّف فيه في روايةٍ


(١) أخرجه أبو داود رقم (٢٤٣٢) في الصيام: باب في صوم شوال، والترمذي رقم (٧٤٨) في الصوم: باب ما جاء في صوم يوم الأربعاء والخميس، وفي سنده عبيد الله بن مسلم القرشي، لم يوثقه غير ابن حبان، وباقي رجاله ثقات، وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وفي الباب عن عائشة رضي الله عنها. وأخرجه المنذري في "الترغيب" ٢/ ١٢٧ وقال: "رواته ثقات".
(٢) رقم (١٧٤٤) في الصيام: باب صيام أشهر الحرم. وقال في "الزوائد": إسناده صحيح، إلا أنه منقطع بين محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، وبين أسامة بن زيد. وأورده الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجة" رقم (٣٨١).
(٣) كنز العمال ج ٨ رقم (٢٤٥٨٨) عن مسند أسامة بن زيد رضي الله عنه، وأخرجه البخاري في "تاريخه" ١/ ١/ ٢٠.
(٤) في ع: "أفطر رمضان".
(٥) في ش، ع، ط: "والاختلاف في ذلك".
(٦) رواه أحمد في "المسند" ٥/ ٢٨٠، وابن حبان في "صحيحه" ٥/ ٢٥٨ في الصوم، رقم (٣٦٢٧)، والترغيب ٢/ ١١٠ - ١١١. وأورده الألباني في "صحيح الجامع الصغير" رقم (٣٨٥١).
(٧) في ط: "حديث الرازي"، وهو تحريف.

<<  <   >  >>