للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتابه القِسْمَ الأول، وذَمَّ القسم الثاني، فقال في مدح الأولين: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (١). {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (٢٩) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} (٢)، والآيات في المعنى كثيرة جدًا. وقال في ذمِّ الآخرين: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} (٣).

وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: ليس أحدٌ لا يؤتي زكاة مالِه إِلَّا سألَ الرَّجْعَةَ عندَ الموت، ثم تلا هذه الآية. وأخبر الله عن أهل النَّار الذين يؤتى أحدهم كتابه بشماله أنَّه يقول: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} (٤). والأحاديث في مَدْحِ من أنفَقَ مالَه في سبيل الطاعات (٥)، وفي ذَمِّ قن لم يؤدِّ حقَّ الله منه كثيرةٌ جدًّا. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -:"نِعْمَ المالُ الصَّالحُ للرَّجُل الصَّالح" (٦). وقال: "الأكثرون هُمُ الأقلُّونَ يَوْمَ القِيامة، إِلَّا مَن قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا، عن يمينه وعن شِماله ومِن خلفه، وقليلٌ ما هم" (٧). وقال: "إِنَّ هذا المالَ خَضِرةٌ حُلْوةٌ؟ فمن أَخَذَه بحقِّه وَوَضَعَه في حَقِّه، فنِعْمَ المَعُونَةُ هو. وإِن أخذَه بغير حقِّه، كان كالذي يأكُلُ ولا يشبَعُ" (٨). فالمؤمِنُ الذي يأخُذُ المالَ من حقِّه ويضَعُه في حقِّه، فلَهُ أَجْرُ ذلك كلِّه،


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٤.
(٢) سورة فاطر الآية ٢٩ و ٣٠.
(٣) سورة المنافقون الآية ٩ و ١٠.
(٤) سورة الحاقة الآية ٢٨ و ٢٩.
(٥) في ب، ط: "الخيرات".
(٦) رواه أحمد في "المسند" ٤/ ١٩٧ بلفظ "للمرء الصالح". وفي "الإِتحاف" للزبيدي ٨/ ١٤٩: "قال العراقي: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط من حديث عمرو بن العاص بسند صحيح". وانظر "فتح الباري" ٨/ ٧٥.
(٧) رواه أحمد في "المسند" ٢/ ٣٥٨، ٣٩١، ٣٩٩، ٥٢٥ عن أبي هريرة رضي الله عنه. وهو جزء من حديث عن أبي ذرٍّ أخرجه البخاري ١١/ ٢٦٠ في الرقاق: باب المكثرون هم المقلون، وفي غيره. ومسلم رقم (٩٤) في الإِيمان، وفي الزكاة. ورواه كذلك أحمد في "مسنده" ٥/ ١٥٢.
(٨) جزء من حديث طويل أخرجه البخاري ٣/ ٣٢٧ رقم (١٤٦٥) في الزكاة: باب الصدقة على اليتامى، وفي الجمعة: باب يستقبل الإِمام القوم واستقبال الناس الإِمام اذا خطب، وفي الجهاد: باب فضل النفقة في سبيل الله، =

<<  <   >  >>