للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجئت بنصف مالي، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أبقيتَ لأهلك؟ قلْتُ: مثلَه. وإِنَّ أبا بكر أتى بكل ما عِندَه، فقال: يا أبا بكر: ما أبقيْتَ لأهلك؟ قال: أبقيْتُ لهم اللهَ ورسولَه. فقلت: لا أسابِقُه إِلى شيءٍ أبدًا. وخرَّج الإِمام أحمد (١) والنسائي وابنُ ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ما نَفَعَني مالٌ قَطُّ ما نَفَعَنِي مالُ أبي بكرٍ". فبكى أبو بكر، وقال: هل أنا ومالِي إِلَّا لك يا رسولَ الله. وخرَّجه الترمذي (٢) بدون هذه الزيادة في آخره.

وكان من المنفقين أموالَهُم في سبيل الله، عثمانُ بن عفان، ففي الترمذي (٣)، عن عبد الرحمن بن خباب، قال: "شَهِدْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يَحُثُّ على جيش العُسْرَةِ، فقام عثمان، فقال: يا رسولَ الله! عليَّ مائِةُ بعيرٍ بأَحْلاسها (٤) وأقتابِها في سبيل الله. ثم حَضَّ على الجيش، فقام عثمان، فقال: يا رسولَ الله! عليّ مائتا بعيرٍ بأَحْلاسِها وأَقْتابِها في سبيل الله (٥). ثم حَضَّ على الجيش، فقام عثمان، فقال: يا رسولَ الله! عليَّ ثلاثمائة بعيرٍ بأحلاسِها وأقتابِها في سبيل الله. قال: فرأيْتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ينزل على المِنْبر، وهو يقول: ما على عثمان ما فَعَلَ بعدَ هذه، ما على عثمان ما فعل بعد هذه".

وخرج الإِمام أحمد (٦) والترمذي من حديث عبد الرحمن بن سَمُرَة رضي الله عنه


(١) رواه أحمد في "مسنده" ٢/ ٢٥٣ بإِسناد صحيح، وابن ماجه رقم (٩٤) في المقدمة: باب فضائل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأورده الألباني في "صحيح ابن ماجه" رقم (٧٧) ١/ ٢٣. ورواه ابن حبان في "صحيحه" ٩/ ٤، و (٢١٦٦) موارد.
(٢) رقم (٣٦٦٢) في المناقب: باب إِن لأبي بكر عندنا يدًا.
(٣) رقم (٣٧٠١) في المناقب: باب مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه، وفي سنده مجهول؛ قال الترمذي: هذا حديث غريب من هذا الوجه. وفي الباب عن عبد الرحمن بن سَمُرة عند الترمذي رقم (٣٧٠٢) في المناقب أيضًا. وروي بإِسناد حسن في مسند أحمد ٣/ ٦٣، فهو شاهد له بالمعنى، وهو به حسن.
(٤) الأحلاس: الأكسية التي تكون على ظهور الإِبل تحت الرِّحال والأقتاب، واحدها: حِلْس. والأقتاب: جمع قَتَب، بفتحتين، وهو رحل صغير على قدر سنام البعير.
(٥) زاد الترمذي بعده: "ثم حضَّ على الجيش، فقام عثمان، فقال: يا رسول الله، عليَّ ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله".
(٦) مسند أحمد ٣/ ٦٣ بإِسناد حسن، والترمذي رقم (٣٧٠٢) في المناقب. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

<<  <   >  >>