للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخرَّج الإِمام أحمد (١) والحاكم (٢) من حديث أمِّ سَلَمة رضي الله عنها: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأزواجه: "إِنَّ الذي يحنُو عليكن بعدِي هو الصَّادِقُ البارّ، اللهمَّ اسْقِ عبدَ الرحمن بن عوف من سَلْسَبيل الجنَّة". وخرَّجه ابنُ سعدٍ (٣)، وزاد: إِنَّ إِبراهيم بن سعدٍ، قال: حدثني بعضُ أهلي من ولد عبد الرحمن بن عَوْفٍ: أنَّ عبدَ الرحمن بن عَوْف باع أموالَهُ مِن كيْدَمَةَ (٤)، وهو سَهْمُه (٥) من بني النَّضير، بأربعين ألف دينار، فَقَسَمها على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وخرَّج الترمذي (٦) من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه: أنَّ أباه عبد الرحمن بن عوف أوْصَى بحديقةٍ لأمّهات المؤمنين بيعت بأربعمائة ألفٍ. وخرَّجه الحاكم (٧)، ولفظه: "بيعت بأربعين (٨) ألف دينارٍ".

وأخبار الأجواد المنفقين أموالَهُم في سبيل الله مِن أصحاب رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يطولُ ذِكْرُها جدًّا، وكان الفقراء من الصَّحابة كلَّما رأوا أصحابَ الأموال منهم ينفقون أموالَهم فيما يُحبُّه الله؛ مِن الحَجِّ والاعتمار والجهاد في سبيل الله والعِتْق والصَّدقة والبِرِّ والصِّلة وغير ذلك من أنواع البِرِّ والطاعات والقربات، حَزِنُوا لما فاتَهُم مِن مُشَاركتهم في هذه الفضائل، وقد ذكرهم الله تعالى في كتابه بذلك، فقال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ} (٩).

نزلت هذه الآية بسبب قومٍ من فقراء المسلمين أتوا النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -وهو يتجهَّزُ إِلى


(١) رواه الإِمام أحمد في "مسنده" ٦/ ٢٩٩ و ٣٠٢، والحاكم في "المستدرك" ٣/ ٣١١ وصححه، ووافقه الذهبي.
(٢) في ط: "والترمذي"، وهو تحريف.
(٣) الطبقات ٣/ ١٣٢.
(٤) كَيْدَمَة: موضع بالمدينة، وهو سهم عبد الرحمن بن عوف من بني النضير. (ياقوت).
(٥) في ب، ط: "وسهمه".
(٦) رقم (٣٧٥١) في المناقب، باب رقم (٧٧).
(٧) أخرجه الحاكم في "المستدرك" ٢/ ٣١٣ بلفظ: "قد وصلهن بمال فبيع بأربعين ألف دينار"، وكذا في الترمذي رقم (٣٧٥٠).
(٨) في هامش ع: "بأربعة آلاف".
(٩) سورة التوبة الآية ٩٠ و ٩١.

<<  <   >  >>