للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أردناكُمُ صِرْفًا فلمَّا مُزِجْتُمُ … بعُدْتُمْ بمقدارِ التِفاتِكُمُ عنَّا

وقُلْنا لَكُمْ لا تُسْكِنُوا القَلْبَ غَيْرَنا … فأَسْكَنْتُمُ الأَغْيَارَ ما أَنْتُمُ مِنَّا

إِخواني، إِنَّ. حُبِسْتُم العامَ عن الحَجِّ فاَرْجِعُوا إِلى جهادِ النُّفوس، فهو الجهاد الأكبر، أو أُحْصِرْتُم عن أداءِ النُّسُك فأرِيقُوا على تخلُّفكم من الدُّموع ما تيسَّر؛ فإِنَّ إِراقة الدِّماء لازمة (١) للمُحْصَر. ولا تحلِقُوا رؤوس أديانكم بالذنوب؛ فإِنَّ الذنوب حالِقَةُ الدِّين ليست حالِقَةَ الشعر. وقوموا لله باسْتِشْعار الرَّجاء والخوف مقامَ القيام بأرجاء الخَيفِ (٢) والمَشْعَرِ. ومن كان قد بَعُدَ عن حَرَم الله، فلا يُبعِد نفسَه بالذنوب عن رحمة الله، فإِنَّ رحمةَ الله قريبٌ مِمَّن تاب إِليه واستغفر. ومن عَجَزَ عن حَجِّ البيت أو البيت (٣) منه بعيد، فليقصد رَبَّ البيت؛ فإِنَّه ممن دَعَاهُ ورَجَاه أقرَبُ مِن حَبْل الوريد.

إِليكَ قَصْدِيَ رَبَّ البيتِ والحَجَرِ … فأنْتَ سُؤليَ مِن حَجِّي ومِن عُمَرِي

وفيكَ سَعْيي وتَطْوَافِي ومُزْدَلفي … والهَدْيُ جِسْمِي الذي يُغني عن الجُزُرِ

ومسجِدُ الخَيفِ خَوْفي مِن تباعُدِكُم … وَمَشْعَري ومُقامي دونَكم خَطَرِي

زادِي رَجَائي لكُم والشَّوقُ راحِلتي … والماءُ من عَبَراتِي والهَوَى سَفَري

* * *


(١) في ش، ع: "لازم".
(٢) كنّى به عن الحج. والخيف: مسجد الخيف في منى. والمَشْعَر: هو المَشْعَرُ الحرام، وهو مُزْدَلفة.
(٣) في آ، ش: "لين البيت"، وفي ع: "لأن كان البيت".

<<  <   >  >>