للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَعْلُومَاتٌ} (١). وقيل: إِنَّ تحريم ذي القَعْدَة كان في الجاهلية لأجل السير إِلى الحج، وسُمِّي ذا القَعْدَة لقعودهم فيه عن القتال؛ وتحريم المحرَّم لرجوع النَّاس فيه من الحجّ إِلى بلادهم؛ وتحريم ذي الحِجَّة لوقوع حجِّهم فيه؛ وتحريم رجب كان للاعتمار فيه من البلاد القريبة.

ومن خصائص ذي القَعْدَة: أنَّ عُمَرَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كلَّها كانت في ذي القَعْدَة، سِوى عُمرتِهِ التي قرنها بحجّته، مع أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أحرمَ بها أيضًا في ذي القَعْدَة، وفعَلَها في ذي الحجّة مع حجَّته. وكانت عُمَرُه - صلى الله عليه وسلم - أربعًا: عُمْرَةُ الحُدَيْبِيَة ولم يُتِمَّها (٢)، بل تحلَّل منها ورجَعَ. وعُمْرَةُ القَضَاءِ من قابل. وعُمْرَةُ الجِعِرَّانة (٣)، عام الفتح، لمَّا قسم غنائم حُنين؛ وقيل: إِنها كانت في آخر شوال، والمشهور أنها كانت في ذي القَعْدَة، وعليه الجمهور. وعُمْرَتُه في حجَّة الوَدَاع، كما دلَّت عليه النصوص الصحيحة، وعليه جمهور العلماء أيضًا (٤).

وقد رُوي عن طائفة من السَّلف؛ منهم ابنُ عمر وعائشة وعطاء، تفضيلُ عُمْرة ذي القَعْدَة وشوَّال على عُمْرة رمضان؛ لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتمَرَ في ذي القَعْدَة، وفي أشهر الحجِّ حيث يجبُ عليه الهَدْيُ إِذا حجَّ من عامِهِ؛ لأنَّ الهَدْيَ زيادَةُ نُسُكٍ، فيجتمع نُسُكُ العُمْرَةِ مع نُسُكِ الهَدْي.

ولذي القَعْدَة فضيلةٌ أُخْرَى، وهي أنَّه قد قيل: إِنَّه الثلاثون يومًا الذي واعَدَ اللهُ فيه موسى عليه السلام؛ قال ليثٌ عن مجاهدٍ في قوله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً}، قال: ذو القَعْدَة {وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} (٥) قال: عَشْرُ ذي الحجة.


(١) سورة البقرة الآية ١٩٧.
(٢) اعتمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرة الحُدَيْبية، ووادع المشركين لمضي خمس سنين وعشرة أشهر للهجرة النبوية. (ياقوت).
(٣) الجِعْرَانة أو الجِعِرَّانة، بالتخفيف والتشديد: ماء بين الطائف ومكة، وهي إِلى مكة أقرب. نزلها النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قسم غنائم هوازن مرجعه من عزاة حُنين، وأحرم منها - صلى الله عليه وسلم -، وله فيها مسجد. قال أبو العباس القاضي: أفضلُ العُمْرة لأهل مكة ومن جاورها من الجِعْرانة؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتمر منها. (ياقوت).
(٤) لفظًا "أيضًا" لم يرد في آ، ش.
(٥) سورة الأعراف الآية ١٤٢.

<<  <   >  >>