للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هي أفضَلُ أيَّام السنة. خرَّجه عبد الرزاق (١) وغيره. وأيضًا فأيَّام هذا العَشْر يشتمل على يوم عَرَفَة. وقد رُوي أنَّه أفضَلُ أيَّام الدنيا، كما جاء في حديث جابرٍ الذي ذكرناه، وفيه "يوم النَّحْر". وفي حديث عبد الله بن قُرْطٍ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنَّه قال: "أعظَمُ الأيَّام عندَ الله يومُ النَّحْر، ثم يوم القَرِّ" (٢). خرَّجه الإِمام أحمد (٣) وأبو داود وغيرُهما. وهذا كُلُّه يدُلُّ على أنَّ عَشْرَ ذي الحِجَّة أفضَلُ من غيره مِن الأيام من غير استثناءٍ؛ هذا في أيامه.

فأمَّا لياليه فمن المتأخرين مَن زَعَمَ أنَّ ليالي عَشْر رمضان أفضلُ من لياليه؛ لاشتمالها على ليلة القدر، وهذا بعيدٌ جدًا (٤).

ولو صحَّ حديثُ أبي هريرة "قيام كُلِّ ليلةٍ منها بقيام ليلةِ القَدْر" (٥) لكان صريحًا في تفضيل لياليه على ليالي عَشْر رمضانَ، فإِنَّ عَشْرَ رمضان فُضِّلَ بليلةٍ واحدةٍ فيه، وهذا جميعُ لياليهِ متساوِيةٌ لها في القيام على هذا الحديث. ولكن حديث جابر الذي خرَّجه أبو موسى (٦) صريح في تفضيل لياليه كتفضيل أيَّامه أيضًا. والأيَّام إِذا أُطلِقَتْ دخلت فيها الليالي تبعًا، وكذلك الليالي تدخُلُ أيَّامُها تبعًا.

وقد أقسَمَ الله تعالى بلياليه، فقال: {وَالْفَجْرِ (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ}. (٧)، وهذا يدلُّ على فضيلة (٨) لياليه أيضًا، لكن لم يثبُتْ أنَّ لياليه ولا شيئًا منها يعدِل ليلةَ القَدْر.

وقد زعم طوائفُ من أصحابنا أنَّ ليلة الجمعة أفضَلُ من ليلة القدر، ولكن لا يصحُّ ذلك عن أحمد؛ فعلى قولِ هؤلاء لا يُسْتَبْعَدُ تفضيلُ ليالي هذا العَشْر على ليلة القَدْر.


(١) المصنف ٤/ ٣٧٦ برقم (٨١٢٠).
(٢) في ب، ط، ومسند أحمد: "النفر". والقَرُّ: هو الغد من يوم النحر، وهو حادي عشر ذي الحجة؛ لأن الناس يقرون فيه بمنى، أي يسكنون ويقيمون.
(٣) رواه أحمد في "مسنده" ٤/ ٣٥٠ والحاكم في "المستدرك" ٤/ ٢٢١ وصححه، ووافقه الذهبي. وأورده الألباني في "صحيح الجامع الصغير" رقم (١٠٦٤).
(٤) يبدأ هنا سقط كبير في المطبوع استدرك من النسخ الأخرى، ينتهي عند قوله: "فيؤخذ بحديث أم سلمة فيمن يريد أن يضحي في مصره"، ص ٤٧٥ س ٥.
(٥) هو برواية النهَّاس بن قَهْم، وقد سبق تخريجه في ص ٤٥٩.
(٦) مضى تخريجه أيضًا.
(٧) سورة الفجر الآية ١ و ٢.
(٨) في ب: "تفضيل".

<<  <   >  >>