للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتحقيقُ ما قاله بعضُ أعيان المتأخِّرين من العلماء، أن يقال: مجموعُ هذا العَشْر أفضلُ من مجموع عَشْر رمضان، وإِن كان في عَشْر رمضان ليلة لا يفضل عليها غيرُها، والله أعلمُ.

وما تقدَّم عن كعبٍ يدُلُّ على أنَّ شهر ذي الحجة أفضلُ الأشهر الحُرُم الأربعة، وكذا قال سعيدُ بن جُبَير؛ راوي هذا الحديث عن ابن عبًاسٍ؛ "ما مِن الشهور شهرٌ أعظمُ حُرمةً مِن ذي الحجة".

وفي "مسند البزار" (١) عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "سيد الشهور رمضان، وأعظمها حرمةً ذو الحجة". وفي إِسناده ضعفٌ.

وفي "مسند" (٢) الإِمام أحمد، عن أبي سعيد الخدري أيضًا: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال في حجّة الوَداع في خطبته يوم النَّحْر: "ألا إِنَّ أحرمَ الأيام يومُكُم هذا، ألا وإِنَّ أحرَمَ الشُّهورِ شهرُكُم هذا، ألا وإِنَّ أحرَمَ البلادِ بلدُكُم هذا".

وروي ذلك أيضًا عن جابرٍ، ووابصَةَ بن مَعْبَدٍ، ونُبَيط بن شَريطٍ، وغيرهم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا كلُّه يدلُّ على أنَّ شهر ذي الحِجَّة أفضَلُ الأشهر الحُرُمِ، حيثُ كان أشدَّها حُرمةً. وقد رُوِي عن الحسن أنَّ أفضلَها المحرَّمُ، وسنذكره عند ذكر شهر المحرّم، إِن شاء الله تعالى.

وأمَّا من قال: إِنَّ أفضلَها رجبٌ، فقولُهُ مردودٌ.

ولعشر ذي الحِجَّة فضائلُ أُخَرُ غير ما تقدَّم؛ فمن فضائله: أنَّ الله تعالى أقسَمَ به جملةً، وببعضِهِ خصوصًا. قال تعالى: {وَالْفَجْرِ (١) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} (٣)؛ فأمَّا الفجر فقيل: إِنَّه أراد جنس الفجر. وقيل: المرادُ طُلوع الفجر، أو صلاة الفجر، أو النَّهار كلّه؛ فيه اختلاف بين المفسرين. وقيل: إِنه أُريدَ به فجر معيَّنٌ، ثم قيل: إِنَّه أُرِيدَ به


(١) ذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٣/ ١٤٠ وقال: "رواه البزار وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي". وفي ميزان الاعتدال ٤/ ٤٣٢: "ضعفه أحمد وغيره". وأورده الألباني في "ضعيف الجامع الصغير" رقم (٣٣٢٠).
(٢) مسند أحمد ٣/ ٨٠.
(٣) سورة الفجر الآية ١ و ٢.

<<  <   >  >>