للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجرُ أوَّلِ يوم من عَشْر ذي الحِجّة. وقيل: بل أُرِيدَ به فجرُ آخرِ يومٍ منه، وهو يومُ النَّحْر. وعلى جميع هذه الأقوال، فالعَشْر يشتمل على الفجْر الذي أقسم الله به.

وأمَّا "الليالي العشر" فهي عشر ذي الحجة؛ هذا الصحيحُ الذي عليه جمهور المفسرين من السَّلف وغيرهم، وهو الصحيح عن ابن عبَّاسٍ؛ روي عنه من غير وجهٍ. والرواية عنه "أنَّه عَشْرُ رمضانَ" إِسنادُها ضعيف.

وفيه حديثٌ مرفوعٌ خرَّجه الإِمام أحمد (١)، والنّسائي في التفسير، من رواية زيد بن الحُباب، حدثنا عيَّاش بن عقبة، حدثنا خيرُ بن نُعيم، عن أبي الزُّبير، عن جابرٍ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "العَشْرُ عَشْرُ الأضحى، والوَتْر يومُ عَرَفة، والشَّفْعُ يومُ النَّحْر"، وهو إِسناد حسن.

وكذا فسَّر "الشَّفْعَ" و "الوَتْرَ" ابنُ عبَّاسٍ في رواية عِكرمة وغيره. وفسَّرهما أيضًا بذلك عِكرمة والضحاك وغيرُ واحدٍ. وقد قيل في "الشَّفع" و"الوَتر" أقوالٌ كثيرة، وأكثرها لا يخرج عن أن يكون العشرُ أو بعضُه مشتملًا على "الشفع" و "الوتر"، أو أحدهما؛ كقول من قال: "هي الصَّلاة، منها (٢) شَفعٌ ومنها (٢) وَترٌ"، وقد خرَّجه الإِمام أحمد (٣) والترمذي من حديث عمران بن حُصين، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقول من قال: هي المخلوقات، منها شَفْع ومنها وَتْر، يدخل فيها أيام العشر. وقول من قال: الشَّفْع الخَلْقُ كُلُّه، والوترُ الله، فإِنَّ أيام العشر من جملة المخلوقات.

ومن فضائله أيضًا: أنَّه من جملة الأربعين التي واعدها الله عزَّ وجلَّ لموسى عليه السلام، قال الله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} (٤)، لكن (٥) هل عَشْرُ ذي الحِجّة خاتمة الأربعين، فيكون هو العَشْر


(١) مسند أحمد ٣/ ٣٢٧، والفتح ٨/ ٧٠٢. وقد أورده الألباني في "ضعيف الجامع الصغير" رقم (١٥٠٨) عن جابر، في مسند أحمد.
(٢) في آ: "فيها".
(٣) رواه الإِمام أحمد في "مسنده" ٤/ ٤٣٧ و ٤٣٨ و ٤٤٢، والترمذي رقم (٣٣٤٢) في التفسير، باب: ومن سورة الفجر. قال الترمذي: هذا حديث غريب. وانظر الفتح ٨/ ٧٠٢.
(٤) سورة الأعراف الآية ١٤٢.
(٥) قوله: "لكن هو" لم يرد في آ.

<<  <   >  >>