للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكبائر، كما أن الحَجَّ المبرور يكفِّر ذنوبَ تلك السنة إلى الحجة الأخرى. وقد رُوِي: "إذا سلمتِ الجمعةُ سلِمَت الأيام" (١). ورُوي: "إن الله تعالى يغفِر يومَ الجمعة لكُلِّ مسلم" (٢). وفي الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "ما طلعتِ الشمسُ ولا غَرَبت على يومٍ أفضَلَ من يوم الجمعة" (٣). وفي "المسند" عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال في يوم الجمعة: "هو أفضَلُ عند الله من يوم الفطر ويوم الأضحى". فهذا عيدُ الأسبوع، وهو متعلِّق بإكمال الصلوات (٤) المكتوبة، وهي أعظمُ أركان الإسلام ومَبَانِيهِ بعدَ الشهادتين.

وأمَّا العيدان اللذان لا يتكرران في كُلِّ عامٍ، وإنما يأتي كُلُّ واحدٍ منهما في العام مرَّة واحدةٌ؛

فأحدُهما: عيدُ الفطر من صوم رمضانَ، وهو مرتب (٥) على إكمال صيام رمضان، وهو الرُّكن الثالث من أركان الإسلام ومَبَانيه، فإذا استكمل المسلمون صيامَ شهرهم المفروض عليهم، واستوجبوا من الله المغفرة والعِتْقَ من النار؛ فإنَّ صيامَه يوجبُ مغفرةَ ما تقدَّم من الذنوب، وآخره عِتْقٌ من النار، يُعتق فيه من النار من استحقَّها بذنوبه، فشرع الله تعالى لهم عقيب إكمالهم لصيامهم عيدًا يجتمعون فيه


(١) أخرجه السيوطي في "الجامع الصغير" برقم (٦٨٥) وعزاه إلى الدارقطني في الأفراد، وابن عدي في الكامل، وأبي نعيم في الحلية، والبيهقي في شعب الإيمان، عن عائشة. قال المناوي في "فيض القدير" ١/ ٣٧٧: قال ابن الجوزي: تفرد به عبد العزيز، وهو كذاب، وهو موضوع. وأورده الألباني في "ضعيف الجامع الصغير" برقم (٦٤٩) ورمز له بـ "موضوع". وانظر "الإتحاف" للزبيدي ٣/ ٢١٦ و ٥/ ٢٠٧، والكنز رقم (٢١٠٤٩). وتتمته: "وإذا سلم رمضان سلمت السّنَةُ".
(٢) أورد الهندي في "كنز العمال" رقم (٢١٠٤٦) عن أبي هريرة: "لا يترك أحدًا يوم الجمعة إلا غفر له"، وعزاه إلى الخطيب البغدادي. وفي "الترغيب" ١/ ٤٩٢ عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: إن الله تبارك وتعالى ليس بتارك أحدًا من المسلمين يوم الجمعة إلَّا غفر له. قال المنذري: رواه الطبراني في الأوسط مرفوعًا فيما أرى بإسناد حسن.
(٣) أخرجه الترمذي رقم (٣٣٣٦) في التفسير: باب ومن سورة البروج، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة، وموسى بن عبيدة يضعّف في الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد وغيره من قبل حفظه. وقد روى شعبة وسفيان الثوري وغير واحد من الأئمة عن موسى بن عبيدة. نقول: لكن ثبت في صحيح مسلم رقم (٨٥٤) في الجمعة: باب فضل يوم الجمعة من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة"، وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة: "إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبدٌ مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه" فيتقوى بها بعض حديث الباب. وانظر "جامع الأصول" ٢/ ٤٢٧.
(٤) في آ، ع: "الصلاة".
(٥) في ب، ط: "مترتب".

<<  <   >  >>