للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال: اللهم، إن كنتَ لم تتقبَّلْ (١) منهم أحدًا فقد وهبته حجّتي. فرأى ربَّ العِزَّة في منامه، وقال له: يا ابنَ الموفق! أتتسخَّى عليَّ؟ قد غَفَرْتُ لأهل الموقف ولأمثالهم، وشفعت كُلَّ واحدٍ منهم في أهلِ بيته وذريته وعشيرته، وأنا أهلُ التقوى وأهلُ المغفرة (٢). ويُروى نحوُه عن غيره أيضًا من الشيوخ. فمن طمِع في العِتْق من النار ومغفرة ذنوبِه في يوم عرفة، فلْيُحَافِظْ على الأسباب التي يُرجى بها العِتْقُ والمغفرة.

فمنها: صيامُ ذلك اليوم؛ ففي صحيح مسلم (٣) عن أبي قَتَادة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "صيامُ يومِ عَرَفَةَ؛ أحتَسِبُ على الله أن يكفَّرَ السَّنَةَ التي قبلَه والتي بعده".

ومنها: حفظُ جوارحه عن المحرَّمات في ذلك اليوم؛ ففي مسند الإمام أحمد (٤)، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "يومُ عَرَفَةَ، هذا يومٌ مَن ملَكَ فيه سمعَهُ وبصَرَه ولسانَه غُفِر له".

ومنها: الإكثارُ مِن شَهادة التوحيد بإخلاص وصدقٍ؛ فإنَّها أصلُ دِين الإسلام الذي أكمله الله تعالى في ذلك اليوم، وأساسُهُ. وفي "المسند" (٥) عن عبد الله بن عمرو، قال: كان أكثرُ دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة: "لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، بيدِه الخيرُ، وهو على كُلِّ شيءٍ قدير". وخرَّجه الترمذي (٦)،


(١) في آ، ش، ع: "نقبل".
(٢) صفة الصفوة ٢/ ٣٨٧.
(٣) جزء من حديث طويل رواه مسلم رقم (١١٦٢) في الصيام: باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأبو داود رقم (٢٤٢٥) في الصوم: باب في صوم الدهر تطوعًا.
(٤) مسند أحمد ١/ ٣٢٩، وذكره الهيثي في "مجمع الزوائد" ٣/ ٢٥١، وقال: "رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير، وقال: كان الفضل بن عباس رديف، ورجال أحمد ثقات". وانظر معجم الطبراني ١٨/ ٢٨٩، والفتح ٤/ ٧٠، وكنز العمال ٥/ ٦٨.
(٥) رواه أحمد في "المسند" ٢/ ٢١٠ عن عبد الله بن عمرو، وقد تحرفت في المطبوع إلى "عبد الله بن عمر". وفي سنده محمد بن أبي حميد الأنصاري الزرقي، لقبه "حماد"، وهو ضعيف، ضعفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وغيرهم، وقال أحمد: أحاديثه مناكير. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٣/ ٢٥٢ وقال: "رواه أحمد، ورجاله موثوقون". وانظر "كنز العمال" ٧/ ٩٢.
(٦) رقم (٣٥٨٥) في الدعوات، باب رقم (١٢٣) في دعاء يوم عرفة. قال الترمذي: حديث غريب، وحمَّاد بن أبي حميد: هو محمد بن أبي حميد، وهو أبو إبراهيم الأنصاري المدني، وليس بالقوي عند أهل الحديث. وانظر "الترغيب" ٢/ ٤١٩، و"مشكاة المصابيح" ٢/ ٧٩٧؛ قال محققه الألباني: "وحسنه - أي الترمذي - في بعض الروايات عنه، وهو كما قال باعتبار شاهده الذي بعده، وهو مرسل، صحيح الإسناد.

<<  <   >  >>