للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها: ذِكْرُه بالتَّسمية والتكبير عند ذَبْح النُّسُك؛ فإنَّ وقت ذبْح الهدايا والأضاحي يمتدُّ إلى آخر أيَّام التشريق عند جماعةٍ من العلماء، وهو قولُ الشافعي، ورواية عن الإمام أحمد، وفيه حديث مرفوع: "كُلُّ أيام مِنىً ذبْح" (١)، وفي إسناده مقال. وأكثر الصَّحابة على أنَّ الذبْح يختصُّ بيومين من أيَّام التشريق مع يوم النَّحْر، وهو المشهور عن أحمدَ، وقول مالكٍ، وأبي حنيفة، والأكثرين.

ومنها: ذِكْرُ اللهِ عزَّ وجلَّ على الأكْل والشرب؛ فإنَّ المشروع في الأكل والشرب أن يُسمِّيَ الله في أوله، ويحمَدَه في آخره. وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن اللّهَ عزَّ وجلَّ يَرْضَى عن العَبْدِ أن يأكُلَ الأكْلَةَ فيحمَدَهُ عليها، ويشرَبَ الشَّرْبَة فيحمَدَه عليها" (٢). وقد رُوي أنَّ من سمَّى على أوَّل طعامه وحمِدَ اللّهَ على آخره، فقد أدَّى ثمنَه، ولم يُسألْ بعدُ عن شكره (٣).

ومنها: ذِكْرُه بالتكبير عند رَمْي الجمار في أيَّام التشريق، وهذا يختصُ به أهلُ الموسم.

ومنها: ذِكْرُ الله تعالى المطلقُ؛ فإنَّه يستحبُّ الإكثار منه في أيَّام التشريق، وقد كان عُمَرُ يُكبِّر بمنىً في قبّته، فيسمعه النَّاس فيكبِّرون فترتج منىً تكبيرًا. وقد قال الله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (٢٠٠) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} (٤). وقد استحَبَّ كثيرٌ من السَّلف كثرةَ الدُّعاء بهذا في أيام التشريق.


(١) مسند أحمد ٤/ ٨٢، وفيه: "كل أيام التشريق ذبح". وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٤/ ٢٤ وقال: "رواه أحمد، وروى الطبراني في الأوسط عنه: أيام التشريق كلها ذبح، ورجال أحمد وغيره ثقات".
(٢) رواه مسلم رقم (٢٧٣٤) في الذكر والدعاء: باب استحباب حمد الله بعد الأكل والشرب، والترمذي رقم (١٨١٧) في الأطعمة: باب ما جاء في الحمد إذا فرغ من الطعام.
(٣) وفي معناه حديث خرجه ابن أبي الدنيا في كتاب "الشكر" ص ١٥٤ بإسناد منقطع، قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أنعم الله على عبد نعمة فحمده عندها، فقد أدَّى شكرها"، وللحديث شواهد تعضده.
(٤) سورة البقرة الآية ٢٠٠ و ٢٠١.

<<  <   >  >>