للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يا قلبُ إلام تطالبُني … بلِقا الأحباب وقَدْ رَحَلُوا

أرسلتُكَ في طلبي لَهُمُ … لتعودَ فَضِعْتَ وما حَصَلُوا

سَلِّمْ واصْبِرْ واخْضَعْ لَهُمُ … كَمْ قَبْلَكَ مِثلكَ قَدْ قَتَلُوا

ما أحسَنَ ما علَّقْتَ بِهِ … آمالَكَ مِنْهُمْ لَوْ فَعَلُوا (١)

وقسمٌ: يفني عمره في الغَفْلَة والبَطالة، ثم يوفقُ لعمل صالحٍ فيموت عليه، وهذه حالة من عَمِلَ بعمل أَهلِ النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبِق عليه الكتابُ فيعمَلُ بعملِ أهل الجنة فيدخلها.

الأعمالُ بالخواتيم، [وفي الحديث] (٢): "إذا أرادَ الله بعبْدٍ خَيْرًا عَسَلَه (٣)، قالوا: وما عَسْلُه؟ قال: يوفِّقه لِعَمَلٍ صالحٍ ثم يقبِضُهُ عليه" (٤).

وهؤلاء منهم من يوقَظُ قبل موته بمدَّةٍ يتمكن فيها من التزوُّد بعملٍ صالحٍ يختم به عمرَه. ومنهم من يُوقَظُ عندَ حضور الموتِ فيُوفقُ لتوبةٍ نصوح يموت عليها. قالت عائشة رضي الله عنها: إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا قيَّضَ له مَلكًا قبل موته بعام فيُسدِّدُه وييسِّرُه حتى يموتَ وهو خير ما كان، فيقول الناس: مات فلانً خير ما كان.

وخرجه البزار (٥) عنها مرفوعًا، ولفظُه: "إذا أراد الله بعبدٍ خَيْرًا بعث إليه ملكًا من عامِهِ الذي يموت فيه فيُسَدِّدُهُ وييسِّرُه، فإذا كان عند موته أتاه مَلَكُ الموت فقعد عند


(١) هذا البيت ساقط في ب، وتقدم في (ط).
(٢) تكملة من ش، ع.
(٣) تحرفت في المطبوع إلى "غسله" بالغين. والعَسْلُ: طيبُ الثَّناء، مأخوذ من العَسَل. يقال: عَسَلَ الطعامَ يعسِلُه، إذا جَعَلَ فيه العَسَلَ. شبه ما رزقه الله تعالى من العمل الصالح الذي طابَ به ذكره بين قومه بالعسَل الذي يُجْعَل في الطعام فيَحْلَولى به ويطيب. (النهاية ٣/ ٢٣٧).
(٤) رواه أحمد في "المسند" ٤/ ٢٠٠ عن أَبي عنبة، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٢١٥ برواية "غسله" بالغين، وقال: (رواه أحمد والطبراني، وفيه بقية، وقد صرح بالسماع في المسند، وبقية رجاله ثقات". وفي الباب من طريق زيد بن الحباب في "المسند" ٥/ ٢٢٤ وصحيح ابن حبان (١٨٢٢) موارد، وعن عائشة عند الطبراني في الأوسط، وعن أَبي أمامة عند الطبراني (٧٥٢٢) و (٧٧٢٥). وانظر مجمع الزوائد ٧/ ٢١٤ - ٢١٥ والترغيب ٤/ ٢٥٣ وصحيح الجامع الصغير للألباني رقم ٣٠٤ - ٣٠٧.
(٥) كنز العمال ١٥/ ٦٩٥ وذكر حديثين في المعنى عن عائشة رضي الله عنها، الأول برقم (٤٢٧٨٥) مختصرًا، وعزاه إلى الديلمي في مسند الفردوس، والثاني برقم (٤٢٧٨) مطولًا، وعزاه إلى ابن أبي الدنيا في ذكر الموت. وانظر "إتحاف السادة المتقين" ١٠/ ٢٧٣ - ٢٧٤.

<<  <   >  >>