للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يغيبَ أَحدٌ عن امرأته أكثرَ من أربعة (١) أشهر وعشرًا. الشيخ قد تركته الذنوب فلا حمدَ له على تركها، كما قيل:

تارَكَكَ الذنبُ فتارَكْتَهُ … بالفِعْل والشَّهوةُ في القلبِ

فالحمْدُ للذَّنْبِ عَلَى تَرْكِهِ … لا لَكَ في تركِكَ للذَّنْبِ

أما تستحِي منَّا لما أعرضَتْ لذَّاتُ الدُّنيا عنك فلم يبقَ لك فيها رغبةُ، وصِرْتَ من سَقَطِ المتاع لا حَاجةَ لأحدٍ فيك، جئت إلى بابنا فقلْتَ: أنا تائبٌ، ومع هذا فكُلُّ من أوى إلينا آويناه، وكلّ من استجارَ بنا أجرْناه، ومَن تابَ إلينا أحببناه. أبشر، فربَّما يكون الشَّيبُ شافعًا لصاحبه من (٢) العقوبات. مات شيخ كان مفرطًا، فرؤي في المنام، فقيل له: ما فَعَلَ الله بك؟ قال: قال لي: لولا أنَّك شيخٌ لعذبتك. وقف شيخٌ بعرفَةَ والناسُ يضِجُّون بالدُّعاء وهو ساكت، ثم قبض على لحيته وقال: ياربِّ، شيخ ياربِّ، شيخ يرجُو رحمتك.

لمَّا أتونا (٣) والشَّيْبُ شافعُهُمْ … وقَدْ تَوالَى عليهم الخَجَلُ

قُلْنا لِسُودِ الصَّحائف انْقَلِبي … بِيضًا فإنَّ الشُّيوخَ قد قُبِلُوا

كان بعضُ الصالحين يقول:

إن الملوك إذا شابَتْ عبيدُهُمُ … في رِقِّهِم عتقُوهُم عِتْقَ أبرارِ

وأنتَ يا خالِقي أَوْلَى بِذَا كَرَمًا … قد شِبْتُ في الرِّقِّ فاعْتِقنِي مِنَ النَّارِ

أيها العاصي، ما يقطعُ من صلاحِك الطمَعْ، ما نصبنا اليوم شَرَكَ المواعِظِ إلَّا لِتَقَعْ. إذا خرجْتَ من المجلس وأنتَ عازِمٌ على التوبة، قالت لك ملائكة الرحمة: مرحبًا وأهلًا (٤)، فإن قال لك رفقاؤك في المعصية: هلُمَّ إلينا، فقل لهم: كلَّا، ذاك خَمْرُ الهَوَى الذي عهدتموه قد استحال خَلَّا. يا مَن سوَّد كتابَهُ بالسيئات قد آن لكَ


(١) في آ، ش، ع: "ستة أشهر"، وفي المستظرف "أربعة أشهر"، وليس فيه "وعشر".
(٢) في آ، ش، ع: "في العفو".
(٣) في آ، ش، ع: "لمَّا أتوا".
(٤) في ب، ط: "مرحبًا وسهلًا".

<<  <   >  >>